تتكون عملية
إدارة المخلفات من ثلاث عناصر رئيسية، التجميع والمعالجة والتخلص من النفايات، أحد
أنواع تلك المخلفات هي المخلفات الصلبة، وتنتج من عدة مصادر، خاصة التجمعات
السكنية والتجارية والمنشآت الصناعية، مثل المخلفات الطبية والالكترونية
والانشائية.
وبسبب جائحة
كورونا زادت المخلفات الطبية بنسبة 40%، وعلى الرغم من تكدسها الا أن نسبة ضئيلة
هي التي يتم معالجتها، ومن بين 2 مليار طن من المخلفات سنويا، 12% منهم مخلفات
بلاستيكية، لكن تتضاءل هذه النسبة بالمقارنة بمخلفات المواد الغذائية والزراعية
ومخلفات الورق والكرتون.
وبينما تتجمع
المخلفات، فيوجد ثلاث طرق رئيسية لمعالجتها والتخلص منها: 1. حرقها في محارق أو
أفران معدة لذلك. 2. استخدام مقالب القمامة للمعالجة. 3. رميها والقائها في
الأماكن المفتوحة دون معالجتها.
بينما تنتهي 33%
من المخلفات العالمية بإلقائها في الأماكن المفتوحة، أدركت الحكومات أن تلك
المواقع خطر على البيئة، وعامل جذب للحشرات والأمراض وبالتالي التأثير على صحة
مواطنيها.
من هنا بدأت
الحكومات اللجوء الى طرق أكثر استدامة لمعالجة النفايات أو المخلفات مثل المحارق
أو برامج إعادة التدوير.
لا يوجد مكان في
العالم أكثر كثافة سكانية من سنغافورة، حيث تقريبا 8000 نسمة لكل كم2، وهذه النسبة
أكبر 17 مرة من الهند، و200 مرة من الولايات المتحدة الأمريكية.
في سنغافورة بين
عامي 1970 و2016 زادت كمية المخلفات الصلبة التي تم معالجتها والتخلص منها 7 مرات
على الرغم من الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي، حيث أنتجت سنغافورة حوالي 7
مليون طن من المخلفات والنفايات في عام 2019. وقد تم إعادة تدوير أكثر من نصفهم.
محرقة تواس هي
أكبر محرقة موجودة في سنغافورة حتى الآن، حيث يتم تجميع القمامة والمخلفات من جميع
مصادرها ويتم احضارها الى محرقة تواس عن طريق 600 شاحنة. حيث يتم القاء القمامة في
غرفة تحت الأرض.
يتم التقاط
النفايات عن طريق الرافعات ثم القائها في المحرقة، وتكون درجة حرارة الفرن ما بين
850 الى 1000 درجة، وينتج عن الحرق تخفيض حجم المخلفات بنسبة 90%، وهذا يساعد على
توفير المساحة لجلب مزيد من النفايات.
كل المعادن
الحديدية وغير الحديدية سيتم استعادتها مرة أخرى من الرماد الناتج عن المحرقة، أما
بالنسبة للملوثات الناتجة عن عملية الحرق فيتم معالجتها قبل اطلاقها الى الغلاف
الجوي.
الماء يتحول الى
بخار نتيجة الطاقة الناجمة عن عملية احتراق النفايات، حيث يستخدم ذلك البخار
لتدوير التوربينات، وبالتالي انتاج الكهرباء، حيث يتم استهلاك 20% من الكهرباء
داخل المنشأة، أما باقي النسبة فيتم إدخالها للشبكة الوطنية للكهرباء.
تساهم محارق
القمامة بسنغافورة من 2 الى 3% من كمية الكهرباء المنتجة داخل الشبكة الوطنية.
تم بناء تلك
المنشأة عن طريق شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة وشركة هاي فلكس لمعالجة المياه، حيث
سيتم فيها حرق 3600 طن من النفايات يوميا، مع استعمال الكهرباء المنتجة ذاتيا
وتصدير المتبقي الى الشبكة الوطنية.
حيث قامت تلك
المنشأة بجمع أكثر من مليون طن من النفايات في عام 2019، وهذا يعادل 3000 طن من
المخلفات يوميا.
كما توجد محرقة
أخرى عند مضيق سنغافورة الذي يعتبر من أكثر الممرات المائية ازدحاما في العالم، هي
محرقة سيماكو البحرية ومحيطها الخارجي عبارة عن جسر من الحجارة بطول 7 كم، والذي
سمح بوجود مساحة بحرية بداخل المحيط يمكن ملئها بالنفايات المحروقة أو بالرماد.
هذه المنشأة قيد
التشغيل منذ عام 1999، بتكلفة تقدر بحوالي نصف مليار دولار، وبالتالي هذه الجزيرة
أكثر من كونها مجرد مقلب قمامة، حيث تقدر مساحة هذه الجزيرة بـ 865 فدان.
تصل الى الجزيرة
2000 طن من المخلفات يوميا عن طريق القوارب، وتمتلك الجزيرة العديد من الآلات
الضخمة مثل الجرارات والحفارات الميكانيكية.
حيث يتم استخدام
الحفارات في نقل الرماد أو النفايات المحروقة وتحميلها الى الشاحنات، ثم تقوم
الشاحنات بإفراغ حمولتها بالمساحة المائية داخل الجزيرة، وحتى يتم منع التسريبات
والملوثات بعيدا عن البحر، فان المحيط الخارجي للجزيرة مكون من غشاء غير مسامي به
طبقة من الطين.
وإذا زاد مستوى
البحيرة داخل الجزيرة نتيجة لهطول الأمطار أو لزيادة الرماد بها، فيتم التخلص من
الفائض من المياه في البحر المفتوح بعد معالجتها داخل المنشأة.
يوجد حول الجزيرة
شجر المانجروف وهو شجر استوائي، كما يوجد أيضا المرجان، وهذه شهادة على أن المنشأة
ليس لها أي تأثير سلبي على البيئة، بل على العكس فان الحياة المائية والطبيعية
ازدهرت.
بناء على عمليات
إعادة التدوير الحالية فان جزيرة سيماكو ستمتلئ عن آخرها بحلول عام 2035، وبالتالي
هناك خطط للتعامل والتعاون مه منظمات حكومية ومنظمات قطاع الأعمال لزيادة مساحة
الجزيرة.
من خبرة سنغافورة
في إعادة تدوير القمامة أدركت أن مقالب القمامة تحتاج الى وقت طويل لتصحيحها،
وبالتالي يجب أن يكون هدف المشروع عند إنشاؤه طويل المدى حتى يحقق الهدف المنشود.
كما تتجه
سنغافورة حاليا الى إيجاد الوسائل الممكنة لاستخدام الرماد في تصنيع ما يسمى
بالرمل الجديد، حيث يمكن استخدامه في بناء ممرات المشاه والمقاعد، كما يتم اختباره
من أجل استخدامه في رصف الطرق.
نظرا لأن الأرض
محدودة في سنغافورة لصغر حجمها، تسعى الدولة الى تقليل كمية المخلفات المتجهة الى
جزيرة سيماكو بنسبة 30% بحلول عام 2030، كما تسعى الدولة الى انشاء وتطوير عدة
منشآت جديدة لإدارة النفايات.
على الرغم من أن
أعلى معدلات إعادة التدوير موجود بالدول المتقدمة ذات الدخل المرتفع، وهم عبارة عن
16% من سكان العالم، الا أنها تولد 34% من المخلفات على مستوى العالم.
على العكس فان 5%
من المخلفات تنتج من الدول ذات الدخل المنخفض، كما أنهم يقدروا بحوالي 9% من سكان
العالم، وعلى شكل ملحوظ فان الولايات المتحدة وكندا وبرمودا، كل هذه الدول ذات
الدخل المرتفع في أمريكا الشمالية، تنتج أعلى معدل من النفايات بالنسبة للفرد، ومع
ذلك يتوقع أن تتغير تلك النظرة في العقود القليلة القادمة، حيث ازهار اقتصاد وسكان
الدول ذات الدخل المنخفض.
لمدة عشرين سنة
الصين كانت تستورد نفايات تقدر بحوالي نصف نفايات العالم تقريبا، وترجع أصل تلك
النفايات الى الدول المتقدمة مثل إنجلترا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا، الا
أن كل ذلك تغير في عام 2018، حيث فرضت الصين حظر شامل على 24 نوع من البقايا أو
النفايات المستوردة حفاظا على البيئة والصحة العامة.
كما تفاقمت
المشكلة أيضا حينما رفضت دول في جنوب شرق آسيا استيراد النفايات البلاستيكية من
الدول الصناعية، حيث في عام 2019 قامت دولة الفلبين بإرجاع حاويات النفايات الى
كندا وكوريا الجنوبية، كما قامت ماليزيا برفض حاويات من اسبانيا وأستراليا.
إدارة المخلفات
أو النفايات عملية مكلفة ماليا، ولا يجب النظر اليها على أنها نشاط اقتصادي يحقق
ربح، ولكن كخدمة عامة تحتاج الى تمويل ودعم، كما أيضا تحتاج الى تشريعات ولوائح
بيئية تستند عليها، حيث كما نرى أن الحل الأسهل في التخلص من النفايات يكلفنا
كثيرا في المستقبل كما يحتاج الى سنوات كثيرة لتغيير السلوك المجتمعي، في النهاية
معدل الفرد في انتاج النفايات يقدر بـ 0.7 كجم، وبالتالي تغيير ثقافة التخلص من
النفايات لها تأثير مباشر على المستقبل.
تعليقات
إرسال تعليق