يقول ايلون ان عملة البيتكوين لها مستقبل واعد، لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب البيئة. في منتصف شهر مايو 2021 كتب الرئيس التنفيذي لشركة تسلا ايلون ماسك تويته تسببت في انهيار سوق العملات المشفرة، حيث أعلن أن الشركة لن تقبل بعد الآن عملة البيتكوين لشراء السيارات الكهربائية نتيجة لتأثيرها السيء على البيئة، حيث أنها تستهلك كمية هائلة من الطاقة.
اذن السؤال لماذا تستهلك عملة البيتكوين والعملات
المشفرة الكثير من الطاقة؟
الأموال الورقية المتداولة في حياتنا تم سكها وطباعتها
عن طريق البنوك المركزية، مثل بنك الاحتياطي الفيدرالي، البنك المركزي الأوروبي،
أو بنك اليابان، لكن ما الذي جعل عملة البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى تقاطع
وبشكل جذري تلك البنوك أو المؤسسات، ولجؤها الى حسابات لامركزية معروفة باسم
تكنولوجيا البلوكتشين؟
كل العملات الرقمية تعاني من مشكلة إنفاق العملة مرتين
لنفس الكمية، بمعنى إذا أردت أن أشتري سيارة من الانترنت المظلم مستحيل على صاحب
المعرض أن يعرف إذا كنت استعملت نفس كمية المال في شراء شيء آخر وليكن مركب مثلا،
وبالتالي حينما يكتشف صاحب المعرض عملية التحايل سأكون قد ابتعدت كثيرا وسأكون
اشتريت السيارة والمركب بنفس كمية العملات الرقمية.
أما بالنسبة لبطاقات الائتمان العادية أو التقليدية فكل
المعاملات يتم تسجيلها مركزيا، وهذا معناه لا يمكنك صرف كمية المال مرتين.
عملة البيتكوين مختلفة كليا، مخترع البيتكوين هو ساتوشي
ناكاموتو الذي طور تكنولوجيا البلوكتشين، فبدلا من مجموعة بنوك مركزية هي التي
تتحكم في عملية اصدار الأموال ومراقبتها، يوجد عدة كمبيوترات تربطهم شبكة واحدة
حول العالم لإعطاء الشرعية والصلاحية للمعاملات التجارية التي تمت باستخدام عملة
البيتكوين وذلك باستخدام بعض المعادلات الرياضية المشفرة.
بالرجوع الى نفس المثال، عند شراء السيارة بعملة
البيتكوين لا يمكن شراء المركب بنفس كمية البيتكوين لإنه تم تسجيل تلك الكمية
لشراء السيارة في خاصية البلوكتشين.
اذن كيف يتم تداول العملات المشفرة وتأمينها؟ كل أجهزة
الكمبيوترات المستخدمة في التعدين عن العملات المشفرة تحتوي على قائمة بها جميع
المعاملات التجارية التي تمت باستعمال العملات المشفرة، لو وجد كمبيوتر على الشبكة
لا يحمل نفس القائمة لا تتم عملية البيع، بهذه الطريقة أو الآلية في العمل يتم منع
سرقات العملات المشفرة أو استعمالها أكثر من مرة لنفس الكمية.
وبالتالي للتوضيح لو شخص أ يرسل عملة مشفرة الى شخص ب
فتلك المعاملة يجب تسجيلها في كل أجهزة الكمبيوتر على الشبكة المعنية بالتعدين عن
البيتكوين.
على هذا الأساس تستند عمليات تعدين البيتكوين والعملات
المشفرة على أجهزة الكمبيوتر التي تحتاج أن تكون دائما أون لاين على الشبكة وهذا
يتطلب الكثير من الطاقة.
جامعة كامبريدج أصدرت تقرير تقول فيه أن شبكة البيتكوين
لوحدها تستهلك 129 تيرا وات سنويا من الكهرباء والتيرا تساوي تريليون، وهذا معناه
0.5% من مجموع استهلاك الكهرباء على مستوى العالم.
بالمقارنة مع استهلاك شركة جوجل نجد أن جوجل تستهلك 12.4
تيرا وات سنويا من الكهرباء
معدل استهلاك البيتكوين للكهرباء أعلى من معدل استهلاك
بعض الدول مثل هولندا، والفليبين وسنغافورة، حقيقة لو كان البيتكوين دولة لأصبح
رقم 33 في استهلاك الطاقة.
شبكات التعدين عن البيتكوين موجودة في عدة دول، مثل
الولايات المتحدة وروسيا وكازخستان وماليزيا، وهؤلاء الدول هم اللاعبين الأساسيين
في ذلك المجال، لكن أغلبية الشبكات موجودة في الصين بنسبة 65%.
كثير من المنقبين لعملة البيتكوين هاجروا الى جنوب غرب
الصين لإنها غنية بالطاقة الكهرومائية، وبالتالي مصدر طاقة متجدد، ومن ناحية أخرى إذا
كانت الطاقة المستخدمة في عمليات التعدين تم انتاجها من الوقود الحفري فهذا معناه
أن البيتكوين يساعد على تلويث البيئة وزيادة معدل الكربون في الجو.
في خلال العامين الماضيين زادت الانبعاثات الكربونية
نتيجة التعدين عن البيتكوين الى 40 مليون طن، وهذا الرقم يعادل 8.9 مليون سيارة.
ينتج عن البيتكوين انبعاثات كربونية أكبر من انبعاثات
شركة الطيران الأمريكية، وحسب تقرير بريطاني فان الطاقة المستخدمة للتعدين عن
البيتكوين سنويا تعادل تشغيل كل سخانات المياه أو الكاتل في بريطانيا لمدة 27 سنة.
استهلاك الكهرباء في عملية التعدين ليست هي المشكلة،
المشكلة هي مصدر انتاج الكهرباء المستخدمة في التعدين، على سبيل المثال، معظم
الطاقة المستخدمة للتعدين في الصين مستخرجة من الفحم، حسب تقرير منظمة جرين بيس أو
السلام الأخضر فان المنقبين عن البيتكوين في القرن 21 يستخدمون تكنولوجيا القرن
19.
في ايسلندا، السكان قلقون نتيجة تدمير الأنهار وتشوه
جمال الطبيعة النقي نتيجة لزيادة انتاج الطاقة لإشباع احتياجات المنقبين عن
البيتكوين.
بدأت بعض شركات الكمبيوتر باتخاذ عدة خطوات جادة
للمساعدة على التقليل من استهلاك الطاقة المستخدمة في عملية التعدين عن العملات
المشفرة، مثلا شركة نيفيديا حدثت كروت شاشة الكمبيوتر بحيث تكون أقل كفاءة وجاذبية
للمنقبين عن عملة الايثيريوم.
المنقبين عن العملات المشفرة عندهم نهم أو شهية لا تشبع
من امتلاك كروت الشاشة لدرجة أن اللاعبين أو المستخدمين أجهزة الكمبيوتر للتسلية
والألعاب يجدوا صعوبة في شراء كروت الشاشة لاستهلاكهم الخاص.
الا أن كل العملات المشفرة ليست متشابهة في استهلاك
الطاقة، مثلا عملة كاردانو المنافسة للبيتكوين، حيث تستهلك 6 جيجا وات من الكهرباء
سنويا لعملية التعدين بخلاف البيتكوين حيث تستهلك كما ذكر 129 تيرا وات سنويا.
عملة الكاردانو سميت ادا تيمنا بالبريطانية ادا لافلاس
رائدة المجال الحوسبي، بينما مجموعة أخرى اخترعت الايثيريم، حيث آثاره الكربونية
تعادل مدينة هونج كونج.
المدافعون عن العملات المشفرة يقولون إن البنوك
التقليدية تستهلك أكثر من 260 تيرا وات في السنة وبالتالي استهلاك العملات المشفرة
للطاقة متواضع واقل بكثير.
لكن حينما نضع في الاعتبار أن نصف سكان العالم يستخدمون
البنوك التقليدية، وحوالي 100 مليون يستخدمون البيتكوين والعملات المشفرة
فالمقارنة تتغير وتصبح غير عادلة.
في النهاية هل تعتقد تويتات ايلون ماسك المتعلقة بالبيئة
هي حيلة للتدخل والتلاعب في سوق الأسهم والعملات أم لا؟
تعليقات
إرسال تعليق