تم تفسير
التخلف بناء على ثلاث نظريات هم: نظرية الحلقة المفرغة ـ نظرية المراحل لروستو ـ
التقسيم الدولي للعمل. وسيتم شرح كل نظرية على التوالي:-
أولا: نظرية الحلقة
المفرغة:-
تقوم هذه
النظرية على أساس منطق السببية الدائرية في الربط بين مظاهر وسمات التخلف وبالتالي
في تفسير ظاهرة التخلف, ومؤدى هذه النظرية أن هناك مجموعة من القوى ترتبط مع بعضها
بطريقة دائرية من شأنها ابقاء الدول المتخلفة في تخلف مستمر, وبناء على هذه
النظرية فان خصائص التخلف نتيجة للفقر وسببا لها في نفس الوقت.
وقد تناولت هذه
النظرية في تفسيرها للتخلف حلقتين رئيسيتين هما العرض والطلب وذلك كالاتي:
ـ من ناحية
العرض يؤدي انخفاض مستوى الدخل الى انخفاض مستوى الادخار وهذا يؤدي الى انخفاض
مستوى الاستثمار للفرد وهذا يؤدي الى انخفاض مستوى الانتاجية وهذا يؤدي الى انخفاض
مستوى الدخل مما يؤدي الى التحام طرفي الحلقة.
ـ أما من
ناحية الطلب فيرجع انخفاض الحافز على الاستثمار الى ضيق حجم السوق وهذا يعود بدوره
الى ضعف القوة الشرائية التي ترجع الى انخفاض مستوى الانتاج والدخل الفردي وهذا
يرجع الى انخفاض مستوى الكفاءة الانتاجية وهذه ترجع الى انخفاض مستوى الاستثمار
بالنسبة للفرد الذي يعود بدوره الى انخفاض الحافز على الاستثمار.
الواقع أن نظرية
الحلقة المفرغة تعجز عن تقديم تفسير لظاهرة التخلف وذلك للأسباب الآتية:-
ـ اغفال
التكوين التاريخي للتخلف وبالتالي عدم تحديد نشأة ظاهرة التخلف وأسبابها.
ـ العوامل
التي تشير اليها النظرية ليست سمات ومظاهر التخلف, فالتخلف مشكلة مركبة ذات أبعاد
اقتصادية واجتماعية وسياسية وعلمية.
ـ علاقة
السببية التي تقدمها النظرية فارغة من المعنى حيث أن خصائص التخلف التي تقدم
أحيانا سببا للفقر أو نتيجة له ما هي الا جانب من جوانب الفقر.
ـ علاقة
السببية بين المتغيرات ليست بالبساطة ولا بالشكل المباشر الذي تقدمه النظرية.
ـ النظرية
تركز على عنصر واحد فقط كسبب ونتيجة للتخلف ولكن مشكلة التخلف ذات أبعاد مركبة.
ـ تقوم
النظرية على أساس أن أي تغيير اجتماعي يولد من القوى ما يعزز اتجاه هذا التغيير,
ولكن الواقع غير ذلك حيث قد يكون هناك قوى من شأنها اضعاف هذا التغيير والقضاء
عليه.
ثانيا: نظرية روستو في
مراحل النمو:-
الفكرة
الأساسية عند روستو أن الاقتصاد القومي يسير في طريق شاق ويقطع مرحلة تلو الأخرى
حتى يصل الى أعلى درجات النمو الاقتصادي, ويؤكد روستو أن أي دولة لا بد أن تمر
بخمس مراحل حتى تصل الى أعلى درجات النمو الاقتصادي وهذه المراحل هي:-
1-
مرحلة المجتمع التقليدي:-
وهو المجتمع
الذي يحده اطار محدود من الانتاج حيث يرتكز الانتاج فيه على تكنولوجيا بدائية
تقليدية وهذا المجتمع يتميز بالعلاقات الأسرية والعصبية التي تلعب دورا هاما ف
يتنظين المجتمع.
2- مرحلة ما قبل الانطلاق:-
تتميز بوجود
ظروف اقتصادية واجتماعية تهيىء انتقال المجتمع نحو الانطلاق حيث تتاح للبعض فرص
أفضل للتعليم ويتجه المجتمع الى استغلال العلم وظهور فئة المنظمين.
3-
مرحلة الانطلاق:-
وهي أهم
المراحل الخمس وفيها تتلاشى العوامل المعاكسة للنمو المستمر ويبدأ الاقتصاد في
الدخول في عمليات متتابعة من النمو المتلاحق ويشترط روستو توافر ثلاث شروط لنقل
المجتمع لمرحلة الانطلاق وهي:-
ـ ارتفاع معدل
الاستثمار السنوي الى نحو 10% من اجمالي الدخل القومي.
ـ تحقيق تقدم
اقتصادي في قطاع أو أكثر .
ـ خلق الاطار
السياسي والاجتماعي الملائم.
4-
مرحلة النضج:-
وهي فترة
طويلة من النمو تتخللها بعض التقلبات ويتجه الاقتصاد القومي فيها الى نشر فنون
الانتاج وازدياد معدل الاستثمار مما يحقق ناتجا يفوق الزيادة في عدد السكان. ويحتل
الاقتصاد القومي مكانا مرموقا بين الدول.
5-
مرحلة الاستهلاك الكبير:-
بمرور الوقت
تتحول قطاعات رئيسية في الاقتصاد الى انتاج السلع الاستهلاكية المعمرة بكميات
كبيرة وعلى مستوى متطور. وتتميز هذه المرحلة بارتفاع مستوى الدخل الحقيقي للفرد
الى ما يجاوز حاجاته الأساسية.
تقييم نظرية روستو:-
ـ اغفال التكوين
التاريخي للتخلف وبالتالي عدم تحديد نشأة ظاهرة التخلف وأسبابها.
ـ التفاؤل الخطر عند
روستو حيث أن المسألة عبارة عن دخول المجتمعات المتخلفة طريق طويل يكون في نهايته
الغاية المنشودة وهذا غير صحيح.
ـ اشتراط نظرية روستو
أن يكون معدل الاستثمار 10% من الدخل القومي وهذا صعب على الدول المتخلفة.
ثالثا: نظرية تقسيم
العمل الدولي في القرن التاسع عشر:-
لقد ترتب على
الثورة الصناعية تحول وتغيير ضخم في البلاد الأوروبية اذ ترتب على هذه الثورة تحول
في أساليب الانتاج وتطور المشروع الرأسمالي , مما أدى الى زيادة في فرص العمل
وزيادة دخل الفرد وارتفاع مستوى المعيشة وتحسن أساليب الصحة مما أدى الى زيادة
السكان وبالتالي بدء البحث عن مصادر للمواد الخام لذلك اتجهت الدول الصناعية
الكبرى في ذلك الوقت الى قارة أفريقيا وأسيا وتدفقت رؤوس الأموال والاستثمارات الى
هذه الدولوقد تركزت هذه الاستثمارات على المواد الخام والنشاط الاستخراجي فقط
وتصديره الى الدولة الأم. وهذا ما أدى الى ظهور تقسييم العمل الدولي وتعمق التخلف
وفقا لما يلي:
ـ التخصص في انتاج
المواد الأولية أدى الى اختلال الهيكل الانتاجي لهذه الدول.
ـ عدم قدرو هذه الدول
على الحصول على حجم الفائض الاقتصادي المتولد في اقتصاداتها.
ـ القضاء على القطاع
الصناعي القائم والهروب الى القطاع الزراعي لاستيعاب العمالة.
ـ وجود زيادة
نسبية نتيجة لانتعاش القطاع الزراعي مما استتبع تحسن وسائل الصحة وبالتالي زيادة
عدد السكان وانتشار البطالة.
ـ الغزو الفكري لهذه
المجتمعات مما أدى الى انهيار المجتمع سياسيا وثقافيا وعلميا.
وبالتالي يمكن
القول أن جوهر التخلف الاقتصادي حاليا يكمن في عملية استمرار الابقاء على وضع
التبعية والاندماج في السوق الرأسمالية العالمية.
تعليقات
إرسال تعليق