تقنية الحفر
الأفقي للتنقيب عن البترول
في جانب الاستخراج تعددت سبل حفر آبار البترول واختلفت
تقنياتها مع التقدم التكنولوجي، لتصبح تقنية الحفر الأفقي أحد أهم التقنيات في
الوقت الحالي، ومرد ذلك أن المزايا التي تقدمها هذه التقنية من قبيل ارتفاع معدلات
الإنتاج مقارنة بالحفر الرأسي، حيث تتوافر منطقة اتصال أكبر مع البترول،
والاستفادة من مكامن البترول ذات السمك الرقيق، وعدم التعرض لمشاكل استصحاب المياه
أو الغاز فضلا عن إمكانية استخدامها تحت المدن والمباني والطرق، وغيرها مما يمكن
اعتباره عراقيل تواجه عمليات الحفر، أيضا تستخدم تحت المواقع النشطة مثل المطارات
والطرق السريعة حيث تمنع العمليات السطحية ومعدات الحفر.
هذا ويصنف الحفر الأفقي ضمن تقنيات الإنتاج المحسن، وذلك
عن طريق زيادة سطح الارتشاح من التشكيلة المنتجة باختراقها بشكل أفقي، بدلا عن
الطريقة العمودية التقليدية، ويسجل تاريخ صناعة البترول أن أول بئر تم حفره أفقيا
كان في ولاية تكساس بأمريكا في عام 1929 ، تلاه في عام 1944 بئر للبترول الثقيل في
حقل فرانكلين بولاية بنسلفانيا، كما كانت هناك محاولات صينية في عام 1957 ، وظلت
هذه المحاولات محدودة حتى مطلع الثمانينات من القرن الماضي حيث لاقت تقنية الحفر
الأفقي نجاحا منقطع النظير مما جعلها أحد الفروع الرئيسية في هندسة الحفر.
الجدير بالذكر أن تكلفة الحفر الأفقي في أوائل التسعينات
كانت تعلو تكلفة الحفر الرأسي بنحو 300 %، إلا أن أعمال البحث والتطوير خفضتها
بنحو 60 % خلال عشر سنوات فقط، وهو ما يعني أن مستوي التطوير في تقنية الحفر
الأفقي بلغ مستوي قياسي في فترة قصيرة نسبيا جعلتها في مستوي المنافسة مع تقنية
الحفر الرأسي، وبإعمال نفس نسبة الخفض خلال الفترة من عام 1990 حتى عام 2010 نجد
أن فارق تكلفة الحفر بين التقنيتين أصبح هامشيا.
من هنا فإن قرار اختيار نوع الحفر يتحدد بأسباب اقتصادية
بحتة تتعلق بالتكلفة الاستثمارية للمعدات وتكلفة العمالة اللازمة لتشغيل المشروع
إلى جانب أخذ نسبة التضخم السنوي في الرواتب وأسعار مستلزمات التشغيل في الاعتبار
وحساب صافي القيمة الحالية من عمليات الإنتاج بتطبيق معدل الخصم اللازم لتقدير
القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية.
· مميزات تقنية
الحفر الأفقي:
يمكن تلخيص مميزات تقنية الحفر الأفقي على النحو التالي:
-
1.
ارتفاع معدلات الإنتاج مقارنة بالحفر الرأسي نظرا لتوافر منطقة اتصال أكبر
مع البترول.
2.
ارتفاع حجم احتياطي البترول القابل للاستخراج.
3.
الاستفادة من مكامن البترول ذات السمك الرقيق.
4.
عدم التعرض لمشاكل استصحاب المياه أو الغاز.
أيضا توجد عدة استخدامات أخرى للحفر الأفقي بعيدا عن انتاج البترول منها:
1.
وضع أجهزة استشعار لكشف التسرب تحت مدافن النفايات الصلبة أو النفايات
الخطرة.
2.
تركيب نظم لجمع غاز من مقالب القمامة ومكبات النفايات أو ما يماثلها.
3.
سحب المياه من سفوح التلال حيث تهدد الانهيارات الطينية التطور العمراني.
4.
جمع المياه الجوفية من الطبقات الجوفية الضحلة.
5.
نقل السوائل بين الآبار الرأسية ومرافق المعالجة.
تتميز تقنية الحفر الأفقي بإمكانية زيادة احتياطيات
البترول، فنسبة الإنتاج من الآبار الأفقية مقابل الآبار الرأسية تبلغ 3.2 إلى 1
وقد ترتفع لأكثر من تلك النسبة، وبصفة عامة يمكن الاعتماد على الحفر الأفقي في
كثير من الحالات.
تم حفر بئرين أفقيين في مصر في الصحراء الغربية في حقلي
حياة وسلام، وعلى الرغم من أن أحدهما واجه بعض الصعوبات إلا أن معدلات انتاجهما
كانت مبشرة وعالية مقارنة بمعدلات الآبار الرأسية، وبناء على ذلك تم استخدام هذه
التقنية في مصر، فتم حفر حقول بأعماق تصل إلى 6000 قدم وطول الجذوع 1600 قدم، هذا
وتشير التوقعات إلى وجود احتياطي بترول يكفي لنحو 20 عام في مصر.
· اقتصاديات
الحفر الأفقي
يتطلب التحقق من مدي ملائمة استخدام تقنية الحفر الأفقي
لآبار البترول إدراج الاستثمارات المختلفة التي يتم إنفاقها في ذات الغرض، وتتمثل
هذه الاستثمارات في: نفقات الحفر، نفقات تجهيز البئر ونفقات التشغيل، ولتحري الدقة
في تقييم هذه الاستثمارات يستدعي التعرف عليها جميعها من الشركات العاملة في المجال.
تختلف تكلفة حفر بئر بنفس التقنية طبقا لطبيعة البئر،
فعلي سبيل المثال، تقدر تكلفة حفر بئر أفقي في المياه العميقة للبحر المتوسط بما
يوازي 10 مليون دولار، بينما تصل هذه التكلفة لذات التقنية إلي 25 مليون دولار
للبئر الواحدة في مياه البحر الأحمر، ولا يرجع سبب ذلك إلي نوع التقنية بل لاختلاف
عمق البئر وندرة أجهزة الحفر علي مستوي العالم التي تستطيع الحفر في مثل هذه
الأعماق، فالتكنولوجيات الحديثة تشمل تركيب رؤوس الآبار في قاع البحر وتوصيلها
بخطوط التحكم الهيدروليكي للتحكم في غلق وفتح البئر وتوصيل خطوط المواسير إلي مركب
الشحن أو إلى أقرب منطقة تسهيلات، ولهذا الاستنتاج دلالة هامة جدا تتمثل في أن
المقارنة بين تقنيات الحفر يجب أن تتم علي أساس توحيد الشروط فيما بينها.
تعتبر قائمة التدفقات من أهم القوائم التي تساعد
الاقتصاديين في تحديد جدوى المشروع، وتأتي أهميتها في أنها تبين الأثر النقدي
لكافة النشاطات المتعلقة بحفر بئر البترول مع بيان طبيعة هذا الأثر من كونه يشكل
تدفقا نقديا داخلا للشركة أو خارجا منها، كما أن تقسيم هذه القائمة للتدفقات
النقدية ضمن نشاطات لها طبيعة مشتركة يساعد في التعرف على نقاط القوة والضعف من
حيث قدرة الشركة على توليد النقد وهو العنصر الذي سيستخدم في تسديد الالتزامات.
هنا يطرأ سؤال:
ما الذي يشكل مقارنة منصفة بين حفر بئر بطريقة أفقية أو عمودية في أي مشروع معين؟
والجواب من الناحية النظرية أن يكون كلا البئرين الأفقي والرأسي قابل للتنفيذ،
أخذا في الاعتبار أن كلا الحقلين يبدأن بالحفر الرأسي ثم يزاد الجذع الأفقي عند
زاوية معينة لبدء التحول من الحفر الرأسي إلى الحفر الأفقي، وبصفة عامة ينظر
الخبراء دائما إلى التكلفة الأقل، إلا أن هذه التكلفة يجب أن يؤخذ معها معدلات
الاستخراج ونسبة الاحتياطات اللذان يرتفعان ارتفاعا كبيرا عند استخدام تقنية الحفر
الأفقي، وهو ما يرجح كفة الحفر الأفقي على الرأسي.
تعليقات
إرسال تعليق