إن الخطر جزء لا يتجزأ
من حياة الإنسان، حيث أن وظيفة التأمينات الاجتماعية هي درء
الأخطار الاجتماعية ومواجهة آثارها، وتعد هذه الأخطار كثيرة ومتنوعة المصادر، إذ
أن هناك ما ينشأ عن الطبيعة كالزلزال، والبراكين
والفيضانات وغيرها، وهناك أخطار تنشأ عن الحروب والأخطار السياسية، بالإضافة إلى أخطار تقلب العملة والخطر الناتج عن
الفساد الإداري وأخطار العائلة وغيرها.
ومن زاوية أخرى
هناك الأخطار التي ترجع إلى عوامل فيزيولوجية للإنسان كالشيخوخة، المرض والوفاة
والمهنية كالبطالة. ومن هذا المنطلق يمكن تعريف الخطر الاجتماعي على أنه: الخطر الناتج عن
الحياة في المجتمع، فالأخطار الاجتماعية وفقا لهذه الفكرة هي تلك المخاطر الوثيقة الارتباط بالحياة
الاجتماعية.
كما يمكن أن نعرف
الخطر الاجتماعي بالنظر إلى آثاره ونتائجه بأنه الخطر الذي يؤثر في المركز
الاقتصادي للفرد الذي يتعرض له، سواء عن طريق انتقاص الدخل أو انقطاع لأسباب
فيزيولوجية كالمرض، العجز، الوفاة والشيخوخة، أو لأسباب اقتصادية كالبطالة، أو عن طريق
زيادة الأعباء دون انتقاص الدخل كنفقات العلاج والأعباء العائلية المتزايدة.
كما يمكن تقديم
تعريف أشمل وأدق وهو أن الخطر الاجتماعي هو كل ما يمكن أن يؤثر على مركز الفرد
الاقتصادي، فالخطر الاجتماعي هو الذي يشكل مساسا بذمة الفرد المالية، سواء كان ذلك
بإنقاص الدخل أو بزيادة نفقاته، وذلك ينطبق على كافة المخاطر أيا كانت أسبابها،
شخصية أو مهنية أو اجتماعية.
إن التطرق للتعاريف
السابقة يقودنا إلى التطرق لمجموعة من الوسائل المحددة لمواجهة الأخطار الاجتماعية
والتي يصطلح على تسميتها بالوسائل التقليدية والتي تعد غير كافية لتحقيق الأمان
الاجتماعي للفرد، وهو ما يوضح فيما بعد أهمية نظام التأمينات الاجتماعية كوسيلة لمواجهة
المخاطر الاجتماعية.
تتمثل هذه الوسائل التقليدية فيما يلي:
1.
الادخار:
يتمثل الادخار في
" حبس جزء من الدخل عن الإنفاق، أي عدم استهلاك جميع الدخل، حيث أن الفرد هنا
لا ينفق جزءا من دخله المتحصل عليه أثناء فترة صحته ونشاطه، بل يحتفظ به للتخفيف
من آثار الكارثة حين يقع الخطر ".
ورغم المزايا
التي ينطوي عليها نظام الادخار بالنسبة للفرد، كوسيلة من وسائل الأمان وللدولة من
حيث أثره على الاقتصاد القومي إلا أنه يعد وسيلة غير كافية لدرء المخاطر الاجتماعية،
ذلك أن الادخار يفترض وجود فائض في الدخل يستطيع الفرد أن يتنازل عليه وعدم استهلاكه،
وذلك لمواجهة أعباء المستقبل، إذ أن أصحاب الدخول الضعيفة لا يتسنى لهم المحافظة
على هذا الجزء من الدخل، كما أن حدوث الكارثة قد يكون قبل اكتمال الادخار، وأخيرا
فإن هذا الأخير يتأثر كثيرا بالقيمة الزمنية للنقود وهو ما لا يمكن تأكيده.
2.
المساعدات
الاجتماعية:
حيث يشمل نظام
المساعدة الاجتماعية تقديم العون لمن تنزل بهم الكارثة إما بشكل مبلغ نقدي أو في
شكل خدمات عينية وقد تصدر هذه المساعدات من عند الأفراد بناء على باعث داخلي (فعل
الخير والإحسان ومساعدة الفقراء وغيرها)، كما يمكن ولنفس الغرض أن تصدر عن جهة
خيرية كالجمعيات أو الدولة.
إن هذه المساعدات
لها وقع خاص وهي تعبر عن مدى تضامن المجتمع مع الفرد في تحقيق الحماية والأمن إلا
أنها تنطوي على بعض العيوب تجعلها غير فعالة في توقي المخاطر الاجتماعية، من ضمنها
أنها غير كافية لمواجهة المخاطر اليومية كالشيخوخة رغم أنها قد تكون كافية لمواجهة
الأخطار الاستثنائية كالوفاة.
من جهة أخرى قد
لا تتمكن الدولة من تحمل هذه الأعباء وذلك بالنظر إلى ظروفها الاقتصادية، مما يحول
وتحميل خزانة الدولة بمثل هذه التكاليف، وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه المساعدة لا
تمنح إلا للأشخاص الذين يثبتون فقرهم، وهو ما يصعب تحديده عمليا، ناهيك عما قد
يسببه من مساس بكرامة الشخص الطالب للمساعدة.
3.
المسئولية:
إن الأخطار التي
تقع للغير تلزم مرتكبها بالتعويض للمتضررين، ويشكل ذلك نوعا من الحماية الاقتصادية
للأفراد. لكن هذه الوسيلة ينتابها نوعا من القصور، إذ أن
المسؤولية أيا كان الأساس الذي تقوم عليه تفترض وجود شخص مسؤول عن الضرر، وهذا ما
لا يتعرض له الشخص كخطر المرض والشيخوخة مثلا. بالإضافة إلى ذلك المدة الطويلة نوعا ما التي
يتطلب للتعويض نظرا للإجراءات القانونية اللازمة لتنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء.
4.
التأمين الخاص:
يعد التأمين من
أهم الوسائل التي يلتجأ إليها لمواجهة الأخطار الاجتماعية والتخفيف من آثارها، حيث
يقوم النظام التأميني على التبادل والتعاون في تحمل الأخطار ومن أهم صوره التأمينات
على الحياة. إلا أن التأمين التجاري قد لا يستطيع الكثير من
أفراد المجتمع تحقيقه نظرا لتكاليفه الباهظة والتي لا تتناسب مع مستوى دخول
الطبقات الفقيرة الأمر الذي سيتلزم البحث عن سبل أخرى ومن هنا تتجسد أهمية التأمين
الاجتماعي الذي سوف نتطرق إلى تعريفه وتطوره في المحور الموالي.
شكرا
ردحذف