الأمن
الغذائي العربي
انعدام الأمن الغذائي والجوع وسوء التغذية من القضايا الأساسية التي تشغل بال الكثير
من دول العالم ومنها العربية، حيث تولي لها الحكومات والهيئات والمنظمات الاقتصادية العربية
اهتماماً كبيراً منذ سبعينيات القرن الماضي.
وقد شرع العديد من البلدان العربية في اعتماد خطط واستراتيجيات لتطوير قطاعاتها الإنتاجية الزراعية، سواء تلك المتصلة بتطوير قطاع الإنتاج النباتي أو الثروة الحيوانية منذ تلك المدة، لكنها لم تستطع حتى الآن توفير ما تحتاج إليه من الغذاء لتلبية الطلب المتزايد.
فلا يزال العجز الغذائي قائماً ويزداد حدة يوماً بعد يوم؛ ولا يزال الجوع يشكّل تحدياً يومياً لملايين الأشخاص، حيث تجمع تقارير المنظمات التابعة للجامعة العربية، ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة على نقص حقيقي في الغذاء، واتساع الفجوة الغذائية العربية بالرغم من وجود علامات تحسن على مستوى الإنتاج الزراعي. والأكيد أن المشكلة لها ارتباط وثيق بتأخر القطاع الزراعي وعدم قدرته على تحقيق تنمية زراعية مستدامة.
فالزراعة العربية غير قادرة على تحقيق الزيادة المستهدفة في الإنتاج لمقابلة الطلب المتزايد على الأغذية، وهو ما يؤدي بالبلدان العربية إلى الاعتماد على الأسواق الدولية لتغطية حاجاتها. لذا فالأمن الغذائي العربي لن يتحقق إلا من خلال التوسع في الاستثمار الزراعي المسؤول
والتحكم في تطور التكنولوجيا الزراعية.
والبلدان العربية من بين الدول التي وافقت على المبادئ الطوعية لتوجيه الاستثمار في نظم الزراعة والغذاء ضمن الجلسة العامة للجنة الأمن الغذائي العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة يوم ١٥ أكتوبر ٢٠١٤ لتوجيه الاستثمار في نظم الزراعة والغذاء في جميع أنحاء العالم.
- المخزون الاستراتيجي
يُعَد المخزون الاستراتيجي عنصراً مهماً لتحقيق الأمن الغذائي وتأخذ جميع البلدان العربية بسياسة المخزون الاستراتيجي لاستخدامه في حالة الطوارئ وتوقف الإمدادات الغذائية، وهو يشير إلى ضرورة أن تأخذ سياسات توزيع الغذاء ضرورة توفير مخزون استراتيجي مناسب يكفي لمدة لا تقل عن ثلاثة شهور، وذلك لضمان استقرار إمدادات الأغذية في الظروف غير الطبيعية كالجفاف والحروب، وبخاصة بالنسبة إلى السلع الاستراتيجية المهمة وفي مقدمتها الحبوب.
وتقوم البلدان العربية بالاحتفاظ بكميات متفاوتة من سلع الحبوب والسكر والزيوت والحليب.
- القدرة على الحصول على الأغذية
تعد القدرة على الحصول على الأغذية من المحاور المهمة في تحقيق الأمن الغذائي، لأنه حتى إذا توافرت كميات كافية من الأغذية، فإن جميع الأفراد والأسر تحتاج إلى فرص الحصول على هذه الأغذية من الناحية المادية والاقتصادية. وتؤثر جميع الخطوات في نظام الأغذية في القدرة على الحصول عليها، إلا أن الخطوات التي تؤثر فيها بصورة مباشرة فتشمل نقل وتداول الأغذية بحيث يمكن إيصالها من مناطق الإنتاج إلى مناطق
الاستهلاك بكفاءة عالية وتكاليف منخفضة، وبخاصة
للفئات الأقل دخلاً سواء في الريف أو المدن.
- التخلف التقني
إن ضعف المستوى التقني للعمالة الزراعية وعدم التحكم في التكنولوجيا الزراعية، يعد من العوامل التي حدّت من فاعلية القطاع الزراعي في مواجهة العجز الغذائي في الوطن العربي. فتطوير الإنتاجية والإنتاج الزراعي بفرعيه النباتي والحيواني يرتبط إلى حد كبير بالتحديث التقني الذي يتوقف بدوره على البحوث الزراعية العلمية والتطبيقية بأنواعها المختلفة. فالمؤشرات ذات العلاقة بالتطور التقني الزراعي متمثلاً بمعدل استخدام الأسمدة الكيميائية والآلات الزراعية لا تزال مستوياتها أقل من مثيلاتها على المستوى العالمي، الأمر الذي ينعكس سلباً على إنتاجية العديد من محاصيل الغذاء الرئيسية على المستوى العام بالوطن العربي.
ـــ ضعف الاستثمارات الزراعية
تعتبر زيادة الاستثمار الرأسمالي وتحديد أولوياته وتحسين كفاءة توظيفه من أهم تحديات التنمية الزراعية العربية. لكن لم يعطَ موضوع الاستثمارات الزراعية حقه من الاهتمام لدى المسؤولين العرب ولم يلقَ التجاوب والاندفاع من المستثمرين العرب أيضاً، على الرغم من توافر الفرص المشجعة لذلك، إلا في السنوات الأخيرة التي بدت العودة والرجوع إلى القطاع الزراعي ضرورة وحتمية لمواجهة أزمة الغذاء. وقد أدى ذلك إلى مراجعة الخطط والسياسات في مجال التنمية الزراعية وإنشاء عدة مؤسسات للإقراض والتمويل الزراعي.
أمام وضع الأمن الغذائي هذا الذي أصبح مقلقاً جداً، تسعى جميع البلدان العربية إلى تطبيق العديد من البرامج والإجراءات التي تنهض بالقطاع الزراعي لرفع كمية الإنتاج لمواجهة الزيادة المرتفعة للطلب. فالخيار الاستراتيجي لتحقيق الأمن الغذائي والخروج من المأزق يستوجب تحقيق
الأمن الغذائي عندما يتمتع البشر كافة في جميع الأوقات بفرص تحقيق » تنمية زراعية مستدامة. والحصول، من النواحي المادية والاقتصادية والاجتماعية، على أغذية كافية وسليمة ومغذّية
فتحقيق الأمن الغذائي العربي واستئصال الجوع يتطلب زيادات جوهرية في مستوى الاستثمارات المسؤولة والمستدامة في الزراعة وإنتاج الغذاء. ووفقاً للمبادئ العشرة التي أقرتها
لجنة الأمن الغذائي منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة فالاستثمارات الزراعية المسؤولة تعمل على الإسهام في القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، وتمكين نظم زراعية وغذائية أكثر شمولاً وكفاءة، وكذلك زيادة وتحسين توفير السلع وخدمات من الزراعة والغابات ومصايد الأسماك بطريقة مستدامة؛ وزيادة قدرة سبل كسب العيش على الصمود أمام التهديدات والأزمات. فهي تساعد على أن تصبح نظم الزراعة والإنتاج أكثر ملاءمة للبيئة، وأكثر إنصافاً وأكثر صموداً في وجه العوامل الخارجية. كما تعمل على خلق بيئة مساعدة تجعل قطاع الزراعة جذاباً لاستقطاب الاستثمارات. وهذا يتطلب وجود حوكمة جيدة وحوافز واضحة ومنصفة. لأن الحوكمة الجيدة للاستثمارات أمر ضروري لصون حقوق المزارعين وحماية موارد معيشة المجتمعات المحلية وتجنب تدهور الموارد الطبيعية. فهي تلفت النظر إلى الحاجة إلى الاستثمارات الزراعية التي تتسم بالاستدامة من النواحي الاجتماعية والبيئية.
تعليقات
إرسال تعليق