التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نظرية العمل في القيمة



 نظرية العمل في القيمة:
في ظل انتاج المبادلة القائم على التقسيم الاجتماعي للعمل تصبح المنتجات سلعا، أي منتجات معدة للتبادل. فتكتسب السلعة الى جانب صلاحيتها لأن تشبع حاجة معينة تكتسب السلعة الى جانب ذلك خصيصه تجعلها صالحة لأن تكون محلا للتبادل اجتماعيا.
هذه الخصيصة هي قيمة السلعة، فالسلعة اذن هي قيمة استعمال وقيمة. الا انها لابد وأن تتحقق أولا كقيمة قبل أن تتحقق كقيمة استعمال، وذلك لأن السلعة المعدة للتبادل لا تمثل قيمة استعمال لمالكها وانما هي كذلك لغير منتجها.
كي تتبادل السلعة التي هي نتاج وحدة إنتاجية تسهم بجزء وبجزء فقط من العمل الاجتماعي لابد أن تكون نافعة للآخرين أي لابد أن يكون لها قيمة استعمال اجتماعيا. فالمنفعة اذن وانما المنفعة من وجهة نظر المجتمع هي شرط قبول الناتج في التداول، شرط قابليته لأن يكون محلا للمبادلة أي شرط القيمة.
في السوق تتقابل السلع وتتبادل فيما بينها رغم اختلاف منافعها أي رغم اختلاف خصائصها العينية وأشكالها. وهو ما يعني التجريد من قيم استعمالها في عملية المبادلة. والتبادل يتم كما هو ثابت تاريخيا عند الوصول الى حد معين في انتاج شيء ما. بمعنى أن التبادل يبدأ بمبادلة الفائض عن حاجة الانسان. فالوفرة النسبية وليست الندرة هي شرط المبادلة.
النظر الى السلع كقيم هو اذن النظر اليها كعمل اجتماعي مبلور، وهي لا تختلف في هذا الشأن فيما بينها الا بالقدر الذي تمثل فيه أي منها كمية أكبر أو أقل من العمل. ولكن كيف تقاس الكميات من العمل؟ هنا نكون بصدد المظهر الكمي للقيمة. وتقاس كميات العمل بالوقت الذي يستغرقه العمل. بقياس العمل بالساعة أو اليوم أو ..... ولتطبيق هذا المقياس نفترض أن العمل هو من قبيل العمل البسيط أي بتحويل كل أنواع العمل المركب الى العمل البسيط.
فالقيم تتحدد اذن بوقت العمل اللازم لانتاج السلعة، وهو وقت يتكون من الوقت الذي يبذل في المرحلة الأخيرة من انتاجها مضافا اليها الوقت اللازم لانتاج ما استعمل في انتاجها من وسائل انتاج. وهذا يعني أن وقت العمل اللازم لانتاج السلعة يتكون من عمل حي يبذل في المرحلة الأخيرة لانتاجها وعمل مخزون بذل من قبل في انتاج ما هو لازم من أدوات انتاج تستعمل بقدر في انتاج السلعة.
اذا كانت القيمة تجد مصدرها في العمل الاجتماعي فانها تتحدد كميا بكمية العمل اللازم لانتاج السلعة، ولا يعني ذلك أنها تتحدد بعدد ساعات العمل التي تبذل فعلا في انتاج السلعة في ظل الظروف الفردية لوحدة الإنتاج. ذلك لأن ظروف هذه الوحدة الإنتاجية قد تكون أصعب أو أخف من الظروف الطبيعية والاجتماعية لانتاج السلعة في المتوسط العام. ولذا هي تتحدد بعدد ساعات العمل اللازم اجتماعيا. ويقصد بذلك العمل اللازم في ظل حالة معينة للمجتمع، أي في ظل ظروف الإنتاج التي تسود في المتوسط فرع الإنتاج محل الاعتبار وتنتج فيه السلعة بمتوسط اجتماعي لحدة العمل ومهارة متوسطة للعمل.
فالعبرة اذن بظروف الإنتاج السائدة في المتوسط على الصعيد الاجتماعي بأكمله وليس بظروف الإنتاج التي تسود في بعض الوحدات الإنتاجية. وتتوقف إنتاجية العمل على:
ــ الشروط الطبيعية التي يتم في ظلها العمل.
ــ تطور القوى الاجتماعية للعمل، أي الزيادة في إنتاجية العمل الناشئة عن التغير في العوامل الاجتماعية المحددة لهذه الإنتاجية في ظل الإنتاج الرأسمالي.
وعليه تتحدد قيم السلع بوقت العمل اللازم اجتماعيا لانتاجها وتتناسب طرديا وع وقت العمل وعكسيا مع انتاجيته.
هذه النظرية تجعل من العمل الاجتماعي مصدرا للقيمة ومن عدد ساعات العمل اللازمة اجتماعيا مقياسا للقيمة، فتزود السلعة بخصيصتها لأن تتبادل بغيرها وبقدرتها النسبية في عملية التبادل بقيمة مبادلتها أي أنها تزودها بأساس لتحديد ثمنها في السوق.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفكر الاقتصادي في العصور الوسطى الأوروبية

العصور الوسطى الأوروبية: في القرون من التاسع حتى الخامس عشر الميلادية ساد في أوربا التكوين الاجتماعي الاقطاعي، وتتميز طريقة انتاجه التي بدأت في فرنسا ثم انتشرت في انجلترا وباقي مجتمعات أوروبا: ــ بأن العلاقات الاجتماعية للانتاج تدور أساسا حول الأرض التي تصبح البلورة المادية للملكية العقارية، اذ هي ترتكز على اقتصاد يغلب عليه الطابع الزراعي. ــ لمن يقومون بالعمل في الانمتاج الزراعي حق استعمال الأرض وشغلها. أما حق ملكيته فهو على درجات لهرم من السادة تحدده التقاليد والعادات. ــ هذا الأساس الاقتصادي يقابله شبكة من الروابط الشخصية، جزء من العاملين لا يتمتع بكامل حريته الشخصية حيث أنهم أقنان، أما السادة فيرتبط نظام ملكيتهم بنظام من الواجبات يتحمل بها كل منهم في مواجهة من هو أعلى منه. وتجد طريقة الانتاج هذه جذورها في المجتمع القديم حين بدأ كبار ملاك الأراضي يقاومون سلطة روما عن طريق الاقامة في ملكياتهم العقارية وتوسيع هذه الملكيات بالسيطرة على الملكيات الأصغر والمزارع المهجورة. في هذا النظام توجد جذور نظام الأقنان، غير أن هذا لا يعني أن القن وجد كنتيجة للتحرر الجزئي للعبد وانما ي...

مفهوم التخلف والدولة المتخلفة

لقد تعددت مسميات الدول الفقيرة فهناك من يطلق عليها الدول المتأخرة لأنها لم تصل الى مستوى مرتفع من التقدم الفني والاقتصادي , كما أطلق عليها الدول المتخلفة حيث تنخفض فيها مستويات المعيشة عن تلك المستويات السائدة في دول أوروبا , كما أطلق عيها الدول النامية حيث تقوم هذه الدول بمجهود انمائي , كما أطلق عليها أخيرا دول العالم الثالث حيث أن هذه الدول لا تمثل مجموعة متجانسة يمكن أن يشملها تعريف واحد. والحقيقة أنه لا يوجد أي فرق جوهري في هذه المسميات ولكننا سنتفق علي مصطلح الدول المتخلفة. أولا: مفهوم التخلف:- هناك ثلاث اتجاهات رئيسية لتعريف وتحديد التخلف نتناولهم كالآتي:- 1-                       الاتجاه الأول: يقوم هذا الاتجاه بحصر سمات ومظاهر التخلف المتمثلة في انخفاض متوسط الأجور ومستويات المعيشة والاستثمار وانتشار البطالة. ويركز هذا الاتجاه على انخفاض الدخل القومي مما يؤدي الى انخفاض متوسط دخل الفرد وذلك يؤدي الى انخفاض معدل الاشتثمار مما يؤدي الى انخفاض الدخل وبالتالي ترسيخ جذور ا...

نظرية الانتاج

نظرية الانتاج ـ الانتاج يتمثل في الجهد الانساني الذي يبذل لجعل الموارد الاقتصادية صالحة لاشباع الحاجات الانسانية، وهو جهد يتضمن علاقة مزدوجة. علاقة بين الانسان والطبيعة، وعلاقة بين الانسان والانسان. ـ تتطلب عملية الانتاج توافر العناصر الآتية: القوة العاملة وأدوات العمل وموضوع العمل. ـ تضم نظرية الانتاج موضوعات عديدة أهمها: عناصر الانتاج وكيفية التأليف بين هذه العناصر وأشكال المشروعات القائمة الانتاج، واتجاهات هذه المشروعات. ـ عناصر الانتاج وتسمى أيضا عناصر المشروع هي الموارد التي يستخدمها المجتمع في انتاج ما يحتاجه من سلع وخدمات، عناصر الانتاج أربعة: الطبيعة والعمل ورأس المال والتنظيم. ـ الموارد الطبيعية كعنصر من عناصر الانتاج هي كافة هبات الطبيعة التي لم يوجدها عمل انساني سابق ولا حاضر والتي تمكن الانسان من انتاج السلع والخدمات التي يحتاجها لاشباع حاجاته. ـ الطبيعة عنصر سلبي في الانتاج. ـ هناك عدة عوامل اساسية تحكم مدى كفاية الموارد الطبيعية لحاجة الانسان اليها للقيام بنشاطه الانتاجي وهي على سبيل الحصر: 1-          ...