التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فكرة التكوين الاجتماعي

 من فكرة طريقة الانتاج الى فكرة التكوين الاجتماعي:
هنا يمكن التفرقة بين ثلاثة تصورات ذهنية:
1)            وفقا للتصور الأول: يتكون الكل الاجتماعي، أي التكوين الاجتماعي من
أ0 الهيكل الاقتصادي.
ب0 على أساس هذا الهيكل الاقتصادي يقوم البناء العلوي للتكوين الاجتماعي. هذا البناء يتكون من:
·                العلاقات الاجتماعية الأخرى، غير العلاقات الاقتصادية.
·                مجموع الأفكار التي تكون الوعي الاجتماعي.
·                وبين الهيكل والبناء توجد علاقة جدلية ديالكتيكية مؤداها أن الثاني يتحدد بالأول ويؤثر عليه بدوره، وتتم عملية التطور الاجتماعي من خلال التناقض بين نمط علاقات الانتاج ومستوى تطور قوى الانتاج في حنايا الهيكل الاقتصادي.
2)            وفقا للتصور الثاني: لا تمثل طريقة الانتاج الا مقولة أو فكرة مجردة نظريا، وفقا لهذا التصور تتمثل عناصر كل طريقة انتاج في ثلاثة: العامل، وسائل الانتاج، وغير العامل ويثير علاقات الملكية وعلاقات الاختصاص المادي بالناتج.
يمتاز هذا التصور بأنه يذكرنا بأن الطبيعة الديالكتيكية للتكوين الاجتماعي تتضمن أن العلاقة بين الأساس الاقتصادي والبناء العلوي هي علاقة جدلية وليست علاقة خطية، كما أنه يمتاز بابراز ما يشهده التكوين الاجتماعي من عوامل مسيطرة وأخرى مسيطر عليها.
3)            وفقا للتصور الثالث: يمكن تصور الانتقال المنهجي من فكرة طريقة الانتاج الى فكرة التكوين الاجتماعي على النحو التالي:
أ0 مستوى تطور قوى الانتاج ونوع علاقات الانتاج يؤخذان كوحدة جدلية أي يؤخذان في تحددهما المتبادل أحدهما بالآخر وفي نفي أحدهما للآخر.
وعليه يمكن، اذا ما أخذنا طريقة الانتاج كمحور، أن نتصور المظاهر الأخرى للنشاط الاجتماعي للانسان، وانما الانسان في المجتمع المحدد تاريخيا، بتركيبه الطبقي، نقول يمكن أن نتصور هذه المظاهر كشبكة من العلاقات التي تتداخل مع النشاط الاقتصادي، أي كعلاقات تشع ابتداء من عملية العمل الاجتماعي وقد تحدد شكلها التاريخي بالتوليفة المتميزة عن مستوى تطور قوى الانتاج ونوع علاقات الانتاج.
وتعبر مظاهر الحياة الاجتماعية عن نفسها في شكل مجموعة من المؤسسات تتوج بالنسبة للكل الاجتماعي بالمؤسسة السياسية العليا المتمثلة في الدولة.
ب0 ولكن من الضروري أن ننظر في هذا الكل الاجتماعي في وحدته الجدلية وفي حركته عبر الزمن أي في حركته الديالكتيكية. هذه الحركة تظهر لنا عملية متغايرة تحتوي أشكالا من أعمار مختلفة كلها مندمجة في كل ديالكتيكي. ويتعين أن نرى ديناميكية الكل الاجتماعي على هذا النحو على مستوى تنظيم الانتاج مستوى بقية الكل الاجتماعي، وبصفة عامة على مستوى التكوين الاجتماعي في مجموعه.
ج0 هذا التصور يتمتع بعدة مزايا:
·                تصور الكل الاجتماعي في وحدته الجدلية حول عملية الانتاج في شكلها التاريخي الخاص، ذلك يجنبنا خطر النظر الى التكوين الاجتماعي نظرة هرمية وخطية.
·                بتصور الكل الاجتماعي في حركته الجدلية، نراه ككل مختلف كيفيا عن التكوين الاجتماعي السابق عليه، مكون من أشكال متكاملة بعضها مسيطر يحدد طريقة أداء الكل والبعض الآخر خاضع يعطي لطريقة الأداء هذه خصوصية تتميز بها في هذا المجتمع عن غيره من المجتمعات. الأمر الذي يجنبنا في النهاية خطر نظرة ازداوجية للتكوين الاجتماعي، أي خطر تصور أنه يحتوي طائفتين من المكونات تنتميان الى عصور تاريخية مختلفة، بعضها رأسمالي والبعض الآخر سابق على الرأسمالية، ولكل قانون حركته. وهو ما ليس بصحيح.

·                من ناحية الممارسة النظرية لهذا التصور دلالة حيوية، نقطة البدء في الدراسة هي تكوين اجتماعي محدد تاريخيا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفكر الاقتصادي في العصور الوسطى الأوروبية

العصور الوسطى الأوروبية: في القرون من التاسع حتى الخامس عشر الميلادية ساد في أوربا التكوين الاجتماعي الاقطاعي، وتتميز طريقة انتاجه التي بدأت في فرنسا ثم انتشرت في انجلترا وباقي مجتمعات أوروبا: ــ بأن العلاقات الاجتماعية للانتاج تدور أساسا حول الأرض التي تصبح البلورة المادية للملكية العقارية، اذ هي ترتكز على اقتصاد يغلب عليه الطابع الزراعي. ــ لمن يقومون بالعمل في الانمتاج الزراعي حق استعمال الأرض وشغلها. أما حق ملكيته فهو على درجات لهرم من السادة تحدده التقاليد والعادات. ــ هذا الأساس الاقتصادي يقابله شبكة من الروابط الشخصية، جزء من العاملين لا يتمتع بكامل حريته الشخصية حيث أنهم أقنان، أما السادة فيرتبط نظام ملكيتهم بنظام من الواجبات يتحمل بها كل منهم في مواجهة من هو أعلى منه. وتجد طريقة الانتاج هذه جذورها في المجتمع القديم حين بدأ كبار ملاك الأراضي يقاومون سلطة روما عن طريق الاقامة في ملكياتهم العقارية وتوسيع هذه الملكيات بالسيطرة على الملكيات الأصغر والمزارع المهجورة. في هذا النظام توجد جذور نظام الأقنان، غير أن هذا لا يعني أن القن وجد كنتيجة للتحرر الجزئي للعبد وانما ي...

مفهوم التخلف والدولة المتخلفة

لقد تعددت مسميات الدول الفقيرة فهناك من يطلق عليها الدول المتأخرة لأنها لم تصل الى مستوى مرتفع من التقدم الفني والاقتصادي , كما أطلق عليها الدول المتخلفة حيث تنخفض فيها مستويات المعيشة عن تلك المستويات السائدة في دول أوروبا , كما أطلق عيها الدول النامية حيث تقوم هذه الدول بمجهود انمائي , كما أطلق عليها أخيرا دول العالم الثالث حيث أن هذه الدول لا تمثل مجموعة متجانسة يمكن أن يشملها تعريف واحد. والحقيقة أنه لا يوجد أي فرق جوهري في هذه المسميات ولكننا سنتفق علي مصطلح الدول المتخلفة. أولا: مفهوم التخلف:- هناك ثلاث اتجاهات رئيسية لتعريف وتحديد التخلف نتناولهم كالآتي:- 1-                       الاتجاه الأول: يقوم هذا الاتجاه بحصر سمات ومظاهر التخلف المتمثلة في انخفاض متوسط الأجور ومستويات المعيشة والاستثمار وانتشار البطالة. ويركز هذا الاتجاه على انخفاض الدخل القومي مما يؤدي الى انخفاض متوسط دخل الفرد وذلك يؤدي الى انخفاض معدل الاشتثمار مما يؤدي الى انخفاض الدخل وبالتالي ترسيخ جذور ا...

نظرية الانتاج

نظرية الانتاج ـ الانتاج يتمثل في الجهد الانساني الذي يبذل لجعل الموارد الاقتصادية صالحة لاشباع الحاجات الانسانية، وهو جهد يتضمن علاقة مزدوجة. علاقة بين الانسان والطبيعة، وعلاقة بين الانسان والانسان. ـ تتطلب عملية الانتاج توافر العناصر الآتية: القوة العاملة وأدوات العمل وموضوع العمل. ـ تضم نظرية الانتاج موضوعات عديدة أهمها: عناصر الانتاج وكيفية التأليف بين هذه العناصر وأشكال المشروعات القائمة الانتاج، واتجاهات هذه المشروعات. ـ عناصر الانتاج وتسمى أيضا عناصر المشروع هي الموارد التي يستخدمها المجتمع في انتاج ما يحتاجه من سلع وخدمات، عناصر الانتاج أربعة: الطبيعة والعمل ورأس المال والتنظيم. ـ الموارد الطبيعية كعنصر من عناصر الانتاج هي كافة هبات الطبيعة التي لم يوجدها عمل انساني سابق ولا حاضر والتي تمكن الانسان من انتاج السلع والخدمات التي يحتاجها لاشباع حاجاته. ـ الطبيعة عنصر سلبي في الانتاج. ـ هناك عدة عوامل اساسية تحكم مدى كفاية الموارد الطبيعية لحاجة الانسان اليها للقيام بنشاطه الانتاجي وهي على سبيل الحصر: 1-          ...