الاقتصاد السياسي عند كارل ماركس:
يبدأ ماركس
تحليله الاقتصاد بنقد موضوع ومنهج الاقتصاد السياسي الكلاسيكي ثم يقدم لهما بديلا
يمكنه من تقديم بناء نظري يتعلق بالاقتصاد الرأسمالي وقوانين حركته. فهو ينقد
التقليديين على الأسس التالية:
ــ يتجاهل التقليديون
الكيف، أي المظهر الكيفي للظواهر الاقتصادية.
ــ يزيد على
ذلك أن التقليديين يربطون هذا الكل المتجانس من الظواهر الاقتصادية بحاجات فرد
اقتصادي له طبيعة أنانية وحاسبة: الرجل الاقتصادي، حيث بالنسبة لماركس القوانين
الاقتصادية هي نتاج الروابط الاقتصادية بين الأفراد التي تنشأ على نحو ملموس في
المجتمع.
ــ بهذا النقد
الثاني يرتبط النقد الثالث ارتباطا وثيقا، وهو خاص باعتبار التقليديين للظواهر
الاقتصادية ظواهر أبدية لا تتغير وما يترتب عليه من اعتبار القوانين الاقتصادية
النظرية صالحة لكل زمان ومكان.
بالنسبة لماركس يتعلق موضوع الاقتصاد السياسي بعملية الانتاج والتوزيع بطبيعتها
الديالكتيكية. فالظواهر الاقتصادية التي تحتويها هذه العملية لها طبيعة ديناميكية،
ومن ثم يكون للقوانين التي تحكمها ذات الطبيعة، فالحركة من طبيعة هذه الظواهر التي
هي اجتماعية ومن ثم هي تاريخية، في هذا المجال يتعين التمييز بين:
ــ ظواهر
اقتصادية مشتركة بين أكثر من شكل من الأشكال الاجتماعية للانتاج.
ــ ظواهر نوعية
يتميز بها شكل واحد من الأشكال الاجتماعية للانتاج.
ويترتب على ذلك أن التحليل النظري للعملية الاقتصادية يتعين أن يهدف الى
استخلاص نوعين من القوانين الاقتصادية:
ــ القوانين
العامة التي تكون مشتركة بين أكثر من شكل من أشكال الانتاج.
ــ القوانين
النوعية التي تميز الأشكال المختلفة للانتاج.
وعليه ما يتصف بالطبيعة الديناميكية في نظر ماركس هو موضوع الاقتصاد
السياسي كعلم يهدف الى استخلاص قوانين الحركة للأشكال الاجتماعية المختلفة
للانتاج، أي للعمليات الديالكتيكية الحقيقية المحددة تاريخيا. ومن ثم يكون لموضوع
الاقتصاد السياسي طبيعة تاريخية، فهو تاريخي بمعنيين:
ــ موضوع
التحليل المجتمع الحديث محدد للباحث تاريخيا.
ــ موضوع
التحليل طريقة الانتاج الرأسمالية ليست كما اعتقد التقليديون الشكل المطلق
والنهائي للانتاج الاجتماعي وانما لا تعدو أن تكون مرحلة عابرة في التطور التاريخي
لهذا الانتاج.
بالنسبة لعملية
التحليل فان ماركس يتبع المنهج التجريدي القائم على الاستقراء والاستنباط كطرق
للاستخلاص المنطقي مع استخدام أكبر للاستقراء بل ان ماركس يعتبر أول من أبرز أهمية
التجريد والدور الخاص الذي يلعبه في مجال دراسة الظواهر الاجتماعية بصفة عامة
والظواهر الاقتصادية بصفة خاصة.
ينتج عن هذا التحليل بناؤه النظري:
فهناك أولا نظرية القيمة وفائض القيمة، وهي نظرية للعمل في القيمة تقدم
تفسيرات للمظاهر الكيفية والكمية لظاهرة القيمة كأساس لتحديد الأثمان لمصدر القيمة
وقياسها.
وترتكز على نظرية القيمة وفائض القيمة نظرية ماركس في توزيع الدخل القومي
بين الطبقات الاجتماعية. والتوزيع يحدد نصيب كل طبقة وكل فرد في الناتج.
ثم هناك نظرية النقود تفسر طبيعتها وأصلها التاريخي ووظائفها والكيفية التي
تتحدد بها قيمتها والدور الذي تلعبه في الانتاج وتجدد الانتاج في الاقتصاد
الرأسمالي.
يكتمل البناء النظري لماركس بنظرية في التطور الرأسمالي هذه النظرية تقوم
على:
ــ تحليل
العملية الاقتصادية كعملية للانتاج وتجدد الانتاج تحليلا يعطينا نموذجين لتجدد
الانتاج: نموذج لتجدد الانتاج البسيط وآخر لتجدد الانتاج على نطاق متسع.
ــ تحليل عملية
تراكم رأس مال كقوة محركة للتطور الرأسمالي: من التراكم البدائي الى التراكم في
أثناء العملية الاقتصادية في وقت أصبحت فيه طريقة الانتاج الرأسمالية الطريقة
السائدة.
ــ من هذا
التحليل يستخلص ماركس القوانين الأساسية لتطور الاقتصاد الرأسمالي.
تعليقات
إرسال تعليق