ثالثا: الفكر
الاقتصادي العربي في القرن الرابع عشر:
يمكن اعتبار المجتمع العربي في شمال أفريقيا في القرنين الرابع عشر والخامس
عشر مجتمعا يقوم على انتاج المبادلة الصغير الذي يغلب عليه الطابع الزراعي، أي
مجتمعا يتم فيه الانتاج والمبادلة بواسطة صغار الفلاحين المنتجين الذين يمتلكون
وسائل الانتاج فيما عدا الأرض. الى جانب انتاج المبادلة كان يوجد بطبيعة الحال
الانتاج بقصد اشباع حاجات المنتجين المباشرين.
تتميز هذه الفترة بالانتعاش الكبير لتجارة ايطاليا مع الشرق، ومع انتعاش
التجارة والنشاط الصناعي الحرفي تزدهر بعض المدن وتصبح مركزا للنشاط الفكري، وتشهد
القاهرة وتونس وقسطنطينية وتلمسان وفاس وغرناطة الكثير من الفكر وخاصة ذلك المتعلق
بالتاريخ، وفي أحضان التاريخ أو فلسفة التاريخ نجد الفكر الاقتصادي.
في اطار الفكر الاقتصادي نركز على مثالين من الفكر العربي بشأن نوعين من
الظواهر الاقتصادية:
أولا:
المقريزي:
يهتم المقريزي بالمشكلات الاقتصادية ويقدم لنا أفكارا عن بعض الظواهر
النقدية وهو ما يظهر في دراسة يختص بها ظاهرة المجاعة أو ما يساوي الأزمة في مجتمع
سابق على المجتمع الرأسمالي، فمن وصفه لمختلف المجاعات التي عرفتها مصر يبين لنا
أننا بصدد موقف يتميز بنقص في انتاج قيم الاستعمال أي نقص في المنتجات والسلع
وارتفاع في أثمانها، وهدا يرجع الى أسباب طبيعية وغير طبيعية. ونجد في فكر
المقريزي أن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة.
ثانيا: ابن
خلدون:
الفكر الاقتصادي لابن خلدون متعلق بظاهرة القيمة، فابن خلدون يهتم بالمجتمع
الانساني ككل وبالمجتمع الانساني في حركته التاريخية. فقد أثبت أن التغير
الاجتماعي انما يتم عن طريق التحولات الكمية التي ما تلبث أن تؤدي الى تحول كيفي.
هكذا نجد في ابن خلدون أول مفكر يجعل من المجتمع الانساني كما يفعل عالم
الاجتماع المعاصر موضوع دراسة علمية يهدف الى تفسيره.
في اطار المجتمع في حركته التاريخية يهتم ابن خلدون بالظواهر الاقتصادية
بوصفها هذا، وهي تكون نشاطا يعده أساس العمران. وهو يرى أن ثروة الأمم تكمن في ما
تنتجه الصنائع والحرف، هذه المنتجات منها ما هو ضروري وما هو كمالي، مظاهر النشاط
الاقتصادي هذا يقوم على تقسيم العمل.
أما فيما يتعلق بالقيمة فانه يؤكد أن كل كسب هو في انهاية نتاج العمل،
فالعمل هو مصدر القيمة الى أن يصل أن المنفعة شرط للقيمة.
تعليقات
إرسال تعليق