الفكر الاقتصادي في المرحلة
السابقة على الرأسمالية
لم يكن للفكر
الاقتصادي وجود مستقل وانما نجده في أحضان أشكال أخرى للفكر: في أحضان الفلسفة في
الفكر الاغريقي، في أحضان الفكر اللاهوتي في العصور الوسطى الأوروبية، وفي أحضان
دراسة التاريخ وفلسفة التاريخ عند المفكرين العرب في القرن الرابع عشر.
أولا: العصور
القديمة:
في الكتب
المقدسة للعصور القديمة يتمثل الفكر الاقتصادي في انطباعات تتعلق بالوقائع التي
وجدت بالمجتمع في تلك الأزمنة، هي انطباعات أيدلوجية لا شأن لها بالتحليل العلمي.
عليه يكون من الأصح اعتبارها من قبيل المعلومات الخاصة بما كان يجري في الاقتصادية
للمجتمع في ذلك الزمان.
أما عند
الاغريق وجد الفكر الاقتصادي في أحضان الفلسفة، اذ مثل الاستدلال الاقتصادي جزءا
لا يتجزأ من فلسفتهم العامة للدولة والمجتمع. المجتمع المنظم في صورة دولة مدنية،
ويجد أساسه في طريقة الانتاج التي كانت سائدة أنذاك وخاصة في القرنين الرابع
والخامس قبل الميلاد في بلاد الاغريق. والنشاط الزراعي يتم في ظروف طبيعية صعبة
حيث التربة الفقيرة غير المستوية، ويمكن تمييز ثلاثن أنواع للوحدة الانتاجية في الزراعة: وحدات كبار
الملاك ويملكون الأرض الأكثر خصوبة، ولا يسهمون في عملية العمل وانما يستخدمون
العبيد والعمال. والنوع الثاني هو صغار الملاك الذين يزرعون غالبية مساحة الأرض
المنزرعة، أما النوع الثالث الوحدات التي يستغلها الأفراد استخداما لعبيد الدولة
في مقابل حصولها على جزء من المحصول عينا.
هذه الزراعة لا
تستطيع أن تغطي احتياجات السكان وتم الالتجاء الى التجارة الخارجية التي تمركزت في
المدن والمواني، وكان يتم استيراد الحبوب بفضل تصدير بعض السلع الزراعية كالخمور
والزيوت ولم يكفي ذلك فتم التوجه الى النشاط الصناعي. وتم التوسع في النشاط
الصناعي حتى تم استغلال النشاط الاستخراجي. حيث كانت تعهد الدولة بامتياز
الاستغلال الى الأفراد الذين يمتلكون رأس المال على أن تحتكر لنفسها التعامل في
الفضة.
في هذا
الاقتصاد الذي يرتكز عليه المجتمع الاغريقي انتشرت المبادلة والمبادلة النقدية بل
تم توسيع استخدام النقود في غرض جديد وهو الشراء من أجل البيع، وبالتالي أصبح جمع
النقود غاية في حد ذاته.
في هذا المجتمع
وجد الفكر الاقتصادي في أحضان الفلسفة اذ ندر أن نوقشت المشكلات الاقتصادية بوصفها
هذه، بل دارت الأفكار المتعلقة بها شأن كل الفكر الاغريقي حول المشكلات الملموسة
لحياة الانسان وقد كانت هذه المشكلات الأخيرة تجد مركزها في فكرة دولة المدينة، من
هنا كان الفكر الاقتصادي بكليته في خدمة السياسة بالمعنى الواسع للكلمة.
تعليقات
إرسال تعليق