أساس مسئولية الحارس
قبل التطرق في موضوع أساس
مسئولية الحارس يثور تساؤلا هاما يتعلق بمن
هو حارس الشئ الذي يسأل
عما يحدثه الضرر؟. فنقول غنه ليس مالك الشئ بالضرورة,وهذا بالطبع ما تقرره
المادتان 176و177,وذلك بنصهما على (أن حارس الحيوان.....أو حارس البناء ولو لم يكن
مالكا مسئول.............).وذلك لأن على الرغم من أن للمالك الحق العيني على الشئ
إلا أنه قد يكون مقطوع الصلة به,كما إذا أقام بإعارته ,أو تأجيره إلى شخص آخر أو
كان الشئ قد سرق منه,وبالتالي فالحراسة إذن ليست ملازمة للملكية.
ومن البين كذلك أنه ليس
الحارس بالضرورة هو الحائز المادي للشئ.وفي هذا المعنى تقرر المادة 176أن (حارس
الحيوان مسئول عما يحدثه الحيوان من ضرر ولو ضل الحيوان أو تسرب) أي حتى ولو لم
يكن الحيوان في حيازته المادية فالشخص يظل حارسا ولو خرج الشئ من يده فلا يشترط
إذن في الحارس أن يكون واضعا يده على الشئ فعلا ومتسلطا عليه ماديا.
وهنا ظهر تساؤل جديد يقول
إذا لم يكن الحارس هو المالك ولا الحائز فمن هو إذن؟
وعند الجواب على هذا التساؤل
لابد من القول بأن الفقه والقضاء الفرنسي تردد بين نظريتين في شأن تحديد الحارس
المسئول وهما: ـ
ـ أولا: نظرية الحراسة
القانونية.
ـ ثانيا: نظرية الحراسة الفعلية.
وسوف نقوم بشرحهما بصورة
موجزة فيما يلي كل في نبذة مستقلة:ـ
النبذة الأولى
نظرية الحراسة القانونية
في البداية ذهب فريق من الفقه إلى القول بنظرية الحراسة
القانونية,ومضمون هذه النظرية أن الحارس هو من له سلطة قانونية على الشئ الذي أحدث
الضرر.فالحراسة سلطة قانونية للحارس على الشئ ,سواء كان مصدر هذه السلطة هو العقد
أو القانون أو أي مصدر آخر من مصادر الحقوق ومضمون هذه السلطة هو حق الرقابة
والتوجيه للحارس على الشئ.
وبالتالي فلكي يكون الشخص حارسا يجب أن تكون له سلطة على
الشئ بناء على عقد أو نص في القانون أو أي مصدر من مصادر الحقوق كما قلنا أنفا.
لابد من القول بأن هذه النظرية تنسب إلى الأستاذ هنري
فهو أول من نادى بها وذلك في بحث له بعنوان <الخطأ في الحراسة>.
والحارس طبقا لهذه النظرية هو من له الحق في الأمر
والتوجيه على هذا الشئ ولا صعوبة في ذلك عندما تجتمع الحيازة والملكية في شخص
واحد,حيث تكون سلطته على الشئ مستمدة من حقه العيني عليه.
كما أنه قد تنتقل الحراسة إلى شخص آخر,وهنا يلزم
لانتقالها تصرف قانوني صادر من مالك الشئ به يكتسب الحارس سلطة قانونية على
الشئ.وتستند نظرية الحراسة القانونية إلى حجة مستمدة من نص المادة (176) من
القانون المدني الجديد.وهذه المادة تقرر أن حارس الحيوان يكون مسئولا ولو ضل
الحيوان أو تسرب منه.ولكن أنصار هذه النظرية برروا بأن بقاء الحراسة في هذه الحالة
بأن الحارس,وإن فقد حيازة الشئ المادية إلا أنه لم يفقد سلطته القانونية التي تبقى
له رغم تسرب الحيوان أو فقده فيكون الاعتداد هنا يكون بهذه السلطة القانونية.
كما أنه يترتب عليها أن السارق لا يكون حارسا للشئ
باعتبار أن سلطته على الشئ المسروق غير قانونية, وإن كانت له عليه سلطة فعلية,
ولكنها لا تستند إلى حق ما.
وقد ظلت نظرية الحراسة القانونية سائدة فترة من الزمن ثم
بدأ ضوئها يختفي وذلك تحت تأثير الانتقادات التي وجهها إليها الشراح والذين رأوا:ـ
1)ـ أن نظرية الحراسة القانونية لا تقدم لنا معيارا
دقيقا يساعد على تعيين الحارس المسئول.
2)ـ أن الربط بين الحراسة ووجود حق أو سلطة قانونية على
الشئ أم لا يستند إلا
أساس من الصحة.
3)ـ أن هذه النظرية تؤدي إلى نتائج عملية لا يمكن
التسليم بها لمجافتها العدالة.
فهذه النظرية تعتبر مالك الشئ المسروق حارسا ولكن متى
يظل ذلك؟ إن السارق مادام لايملك أي حق على الشئ فلن يستطيع أن ينقل الحراسة إلى
شخص ولو كان حست النية,وهذا بالطبع على الأقل طوال المدة التي يكون له الحق في
استرداد هذا الشئ.ومن الواضح أن هذه النتيجة لا يمكن التسليم بها.
ونظرا لهذه الانتقادات التي تعرضت لها نظرية الحراسة
القانونية,تحول عنها الفقه والقضاء إلى نظرية الحراسة الفعلية
النبذة الثانية
نظرية الحراسة الفعلية
نظرية الحراسة الفعلية هي
التي أخذ بها منذ البداية الفقه والقضاء المصري ومضمونها أن الحراسة سلطة فعلية ومستقلة
فعلا في استعمال وتوجيه ورقابة الشئ,وهذا التعريف ما أخذت به محكمة النقض الفرنسية
وذلك في حكم فرانك.
وعلى ذلك فإن الحارس هو من
له سلطة فعلية ومستقلة فعلا في توجيه ورقابة الشئ الذي أحدث الضرر.ويترتب على
نظرية الحراسة الفعلية أن السارق يعتبر حارسا للشئ المسروق.كما أن التابع لا يمكن
أن يكون حارسا للشئ الذي ليستخدمه في ممارسة وظيفته.
ولما كانت المسئولية عن
فعل الأشياء ترتبط بحراسة الشئ وليس بالشئ ذاته,وهو مايترتب عليه أن الحراسة لا
تكون ملازمة للملكية,وإن كان في الغالب أن حارس الشئ هو في الأصل مالكه,إلا أن هذه
القرينة ليست قاطعة,ويمكن إثبات عكسها وذلك بإثبات أن الحراسة انتقلت إلى شخص آخر
غير مالكه.
وقيام قرينة الحراسة على
المالك لاشك أنه في مصلحة المضرور,حيث يمكن بفضلها تحديد المسئول ولاسيما عندما لا
تمارس السلطة على الشئ فعلا أو عندما يثور شك حول الشخص الذي يمارس السلطة الفعلية
على الشئ.
وإذا كانت قرينة الحراسة
تقوم بالنسبة للمالك ,إلا أنه من المسلم به في الفقه والقضاء,
أن المالك لا يعتبر هو
الحارس للشئ عندما لا تمارس السلطة الفعلية على الشئ.
عندما يحرم من السلطة
الفعلية والمستقلة المميزة للحراسة سواء كان بإرادته أو على غير غير إرادته.
ولكن قد ينتقل الشئ من يد
شخص إلى آخر وذك بالاتفاق,وهنا يتوقف تحديد الحارس على الإدارة المشتركة
للمتعاقدين,وما إذا كان مالك الشئ قد قصد أن ينقل السلطة الفعلية والمستقلة في
استعمال وتوجيه ورقابة الشئ إلى من انتقل إليه الشئ أو لم يقصد بذلك.
ففي الحالة الأولى ـ والتي
يكون فيها قد قصد مالك الشئ أن ينقل السلطة الفعلية والمستقلة في استعمال الشئ
ورقابته وتوجيهه,ففي هذه الحالة تنتقل الحراسة من المالك إلى من انتقل إليه الشئ
أيا كان سبب هذا الانتقال.
أما الحالة الثانية ـ وهي
التي لا يقصد فيها الشخص انتقال الحراسة إلى من انتقلت إليه حيازة الشئ,فإن حراسة
الشئ تبقى له.فالحراسة لا ترتبط بالحيازة المادية للشئ.
ويذهب البعض في الفقه إلى
أن للحراسة عنصرين عنصر مادي وهو يتمثل في السلطة في استعمال الشئ والقيام بتوجيهه
ورقابته أما العنصر الثاني فهو معنوي.
بقى لنا في هذا الفصل أن
نلقي بإطلالة سريعة على الحراسة الجماعية,ومدى اشتراط التمييز للحارس.
أولاـ الحراسة الجماعية:ـ
القاعدة هي أن الحراسة
تتبادل ولا تتعد, وهذا المبدأ ثابت ومستقر في القضاء وتطبقه المحاكم باستمرار, كما
أن الفقه متفق عليه ولم يتعرض له بالمناقشة.وهو أن السلطة الفعلية والمستقلة على
الشئ,ولا يمكن أن تكون هذه السلطة لعدة أشخاص معا,وذلك بمعنى أن إسنادها إلى أحد
الأشخاص يعني إعفاء غيره منها.
أما فكرة الحراسة الجماعية
فهي كما يدل عليها من اسمها,أنها تعني أنه من الممكن إسناد حراسة الشئ الواحد إلى
عدة أشخاص معا وذلك في نفس الوقت وبالرغم من هذا,فإن بعض الأحكام سلمت بفكرة
الحراسة الجماعية عندما يمارس مجموعة من الأشخاص سلطات متماثلة على الشئ ولكنها
رتبت عليها نتائج مختلفة.
ولقد قام فريق من الفقه
بانتقاد فكرة الحراسة الجماعية,وذهبوا إلى أنها لا ترتبط بنظام المسئولية عن
الأشياء غير الحية,فيروا أن الحراسة الجماعية وإن كانت تتميز بوجود سلطات تمارس
على الشئ إلا أنه ينقصها الاستقلال الذي تتميز به السلطة الفعلية المميزة للحراسة.
ثانياـ مدى اشتراط
التمييز لدى الحارس:ـ
تعريف الحراسة بالسلطة
الفعلية والمستقلة فعلا في استعمال ورقابة وتوجيه الشئ,أو بسلطة الأمر على الشئ أو
بالسيطرة المستقلة على الشئ آثار مسألة مسئولية عدم التمييز عن الأضرار التي
يسببها الشئ الذي يحوزه,وخاصة بالنسبة للطفل عديم التمييز فالطفل عديم التمييز لا
يتصرف بأي قوى جسمانية تكفي لإحداث الضرر بالفعل الشخصي وحده.فغالبية الأضرار التي
يسببها الطفل عديم التمييز تقع بواسطة الأشياء التي يحوزها .
أيضا أثيرت مسألة الحراسة
بالنسبة للمجنون لأول مرة أمام محكمة النقض الفرنسية في قضية تتلخص وقائعها في أن
شخص مجنون استعمل مسدسا فخرجت منه طلقه أصابت المجني عليه إصابة أدت إلى
وفاته,ورفضت محكمة ليون الدعوى المدنية لأصحاب الحق في التعويض على أساس الخطأ أو
المسئولية عن الأشياء غير الحية.
تعليقات
إرسال تعليق