أساس مسئولية حارس الأشياء
أولاـ أساس مسئولية حارس
الأشياء في القانون المدني:ـ
إن أساس المسئولية عن فعل
الشيء أو الآلة الميكانيكية هو الضرر المباشر وذلك لأن الآلة لا تتحرك إلا بفعل من
صاحبها فما يحدث عنها من ضرر يعتبر من قبيل الضرر المباشر والمباشرة لا يشترط فيها
التعدي.
من هنا يتضح لنا أن
مسئولية حارس الأشياء تقوم على أساس الخطأ في الحراسة,فإذا وقع للغير ضرر بفعل
الشيء يفترض أن زمامه قد أفلت,أو أن حارسه فقد السيطرة الفعلية عليه,وهذا هو الخطأ
المفترض في جانبه,فلا يكلف المضرور بإثباته,بل يكفيه أن يثبت أن الضرر وقع بتدخل
إيجابي من آلة ميكانيكية,أو من شيء تتطلب حراسته عناية خاصة فيفترض عندئذ أن ذلك
راجعا إلى خطأ في الحراسة.
والأصل أن حارس الشيء هو
مالكه,فلا يكلف المضرور أن يثبت أن المالك هو الحارس,ولكن المالك يستطيع أن يثبت
أن الشيء لم يكن في حراسته وقت وقوع الضرر.
والخطأ المفترض من جانب
الحارس, لا يقبل إثبات العكس فلا يجوز أن يثبت أن الحارس أنه لم يخطئ وأن بذل
العناية المطلوبة لمنع وقوع هذا الضرر.
ولكن إذا كان الحارس لا
يستطيع أن يتخلص من المسئولية عن طريق نفي الخطأ إلا أنه لا يستطيع ذلك بنفي علاقة
السببية بين الخطأ المفترض والضرر,ويكون ذلك بإثبات أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي
أي إلى قوة قاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور نفسه.
أما القانون الأردني فإنه
يقيم هذه المسئولية على أساس موضوعي مستندا إلى قاعدة "الغرم بالغنم
"والتي تقابل في القانون الوضعي قاعدة تحمل التبعية.
ثانيا ـ أساس مسئولية
حارس الأشياء في الشريعة الإسلامية:ـ
إن عصر الفقه الإسلامي,لم
يكن عصر آلات وتصنيع,ومن هنا لم يتعرضوا في كتابتهم للمسئولية عن فعل الآلات إلا
في بعض الأمثلة التطبيقية المحدودة,وذلك كما هو الشأن في اصطدام السفن وذلك
باعتبار أن فعل السفينة من قبيل المباشرة بالنسبة إلى حارسها ولذلك افترضوا
تعديه,فقضوا مثلا بتضمين حارس السفينة الجارية إذا اصطدمت بسفينة أخرى
واقفة,وبتضمين حارس السفينة المنحدرة إذا اصطدمت بسفينة أخرى صاعدة.
كما أنهم برروا تضمين راكب
الدابة إذا وقعت ضررا بالغير,وذلك بأنها تعتبر من الآلات بالنسبة له,وذلك كما جاء في
كتاب الأم "إن الذي يحصل للغير من الدابة المركوبة غير الجموح على الراكب,لأن
الدابة آلة له والأثر الحاصل بفعلها يضاف إليه ويعتبر هو المتلف مباشرة
وتعديا".
وهذا الحكم ورد أيضا في
المادة"936"من مجلة الأحكام العدلية,حيث نصت على أنه
"لو داست دابة مركوبة
على شيء بيدها أو برجلها في ملكه أو ملك الغير, وأتلفته يعد الراكب قد أتلف ذلك
الشيء مباشرة فيتضمن على كل حال.
ومما لا شك فيه أن التحدث
الذي حدث في المجتمع اليوم قضايا كثيرة من هذا القبيل,وأن المتضرر بإثبات تعدي
حارس الآلة فيه إجحاف بحقه خاصة فيما تعذر عليه بإثبات هذا التعدي,ونفس الأمر يقال
بالنسبة للأشياء الخطرة بطبيعتها أو بالظروف التي وجدت بها كالمفرقعات والأسلحة
غير الميكانيكية والمواد الكيماوية والراديوم,بل إن أشياء غير خطرة في الظروف
العادية تصبح خطرة في الظروف غير العادية فالشجرة إذا اقتلعتها الرياح وألقت بها
إلى الطريق العام تصبح شيئا خطرا.
وهناك تساؤل هو هل هناك من
وسيلة تفترض بموجبها تعدي المتسبب في الآلات والأشياء الخطرة,دون أن نخرج فيها على
قواعد الفقه الإسلامي؟
وجوابا على هذا التساؤل
نقول إن الصحابة قد أفتوا بتضمين الصناع للمصلحة,أي افترضوا تعديهم بصرف النظر عن
كونهم مباشرين في إتلاف الأشياء التي بحوزتهم أم متسبيبين .
وقد قال الإمام علي كرم
الله وجهه "لا يصلح الناس إلا ذاك", ومن هذه المقولة قد قاس الفقهاء على
ذلك مسألة الأمتعة التي يحملها الحمالون فأفتوا بتضمينهم ما يحملون مما يغاب ويخفي
أو يكثر الطمع فيه كالأطعمة.
ولقد قصد القائلون بضمان
الصناع والأجراء المشتركين وغيرهم ممن يترجح اتهامهم بالتعدي والخطأ إلى إقامة
العدل بين أطراف التعاقد ورعية المصالح المعتبرة لأصحاب المال ولذا يطلق عدد من
الفقهاء على هذا النوع من الضمان مصطلح الضمان للمصلحة,ويسميه المالكية أحيانا
الضمان للتهمة,ويطلق عليه بعض فقهاء الحنفية الضمان للسياسة.
تعليقات
إرسال تعليق