متى تتحقق مسئولية حارس الحيوان؟
تاريخ هذه المسئولية:ـ
كان الحيوان في الشرائع
القديمة وعلى الأخص القانون الروماني يعتبر مسئولا عن الأضرار التي تنشأ عن فعل
هذا الحيوان وكان للمضرور من فعل الحيوان أن يطلب تسليم الحيوان للقصاص منه.
ولكن انتهت هذه الفكرة
وذلك بعد ظهور فكرة الخطأ ولم يعد هناك محل لجعل الحيوان مسئولا وأصبح المسئول عنه
هو الحارس بدلا من الحيوان.
تنص المادة 176مدني
"على أن حارس الحيوان,ولو لم يكن مالكا له,مسئول عما يحدثه الحيوان من
ضرر,ولو ضل الطريق أو تسرب منه,ما لم يثبت الحارس أن وقوع الحادث كان بسبب لايد له
فيه".
وطبقا لهذا النص فإنه
يشترط لقيام هذا النوع من المسئولية أن يكون هناك حيوان في حراسة شخص, وأن يتسبب
هذا الحيوان في الإضرار بالغير, فإذا توافر الشرطان قامت مسئولية حارس الحيوان.
إذا يستفاد من هذا أنه
يشترط لقيام المسئولية عن فعل الحيوان توافر شرطان هما:ـ
1)ـ أن يتولى شخص حراسة
الحيوان.
2)ـ أن يقع الضرر بفعل
الحيوان.
وسوف نتناول شرطان مسئولية
حارس الحيوان في هذه السطور القادمة.
الشرط الأول ـ أن يتولى
شخص حراسة الحيوان.
من خلال قراءتنا الأولية
لهذا الشرط يقتضي لنا الإحاطة بأن نحدد المقصود بالحراسة والمقصود بالحيوان .
1)ـ المقصود بالحراسة:ـ
سبق لنا أن تحدثنا في
الفصل التمهيدي وبالأخص في المبحث الثاني والمتعلق بأساس مسئولية الحارس, أنه يراد
بالحراسة في هذا المقام السلطة الفعلية في الرقابة والتوجيه والتصرف في أمره.
إذ أن هذا المعيار الذي
يتفق مع ما تقضي به المادة "176" مدني من أن "حارس الحيوان ولو لم
يكن مالكا له,مسئول عما يحدثه الحيوان من ضرر."
وعلى ذلك لا يلزم أن يكون
حارس الحيوان هو مالكه. ولكن حارس الحيوان هو من له السيطرة عليه كما قلنا سابقا,وهو
من يكون في يده زمام الحيوان,ويكون هو المتصرف في أمره سواء ثبتت هذه السيطرة
الفعلية بحق أو بغير حق,أي سواء كانت هذه السيطرة شرعية أو غير شرعية ما دامت
سيطرة فعلية قائمة.
فالسارق يعتبر هو الحارس
الذي يسأل عما يحدثه الحيوان من ضرر.
والأصل أن حارس الحيوان هو
مالكه ومن يصيبه ضرر من حيوان يستطيع أن يرجع بالتعويض على المالك باعتباره حارس
الحيوان دون حاجة إلى إثبات ذلك وعلى المالك إذا أراد أن ينفي ذلك بإثبات أن
الحراسة كانت لشخص اخر غيره.
فإذا لم يكن الحيوان في
حراسة أحد غير المالك كان هذا المالك مسئولا بوصفه حارسا طبقا للأصل الذي ذكرناه
وهو يظل مسئولا بهذا الوصف حتى لو ضل الحيوان أو تسرب.
والحراسة قد تنتقل من
المالك إلى الغير كالمنتفع أو المستأجر,بشرط أن تنتقل إلى أي منهما السيطرة
الفعلية على الحيوان,إذ من الجائز أن يؤجر الحيوان أو يعار ولكن تظل السيطرة
الفعلية عليه لمالكه.
ونقول بصورة أخرى إذا كان
الحيوان قد انتقل إلى يد غير المالك برضاء المالك, وذلك إما للانتفاع به بمقتضى
إعارة أو إيجار, أو للحفاظ عليه بمقتضى وديعة, أو للعلاج عند الطبيب البيطري, أو
صاحب الإسطبل أو نحو ذلك.
فالأصل في هذه الأحوال أن
تنتقل الحراسة إلى من ينتفع بالحيوان أو يحافظ عليه أو يتولى علاجه إذ هو صاحب
السلطة الفعلية على الحيوان.وهذا ما لم يتضح من العقد وظروفه غير ذلك, وذلك لو ظل
المالك محتفظا بإشرافه على الحيوان أثناء العلاج, إذ في مثل هذه الحالة تبقى
الحراسة للمالك.
إلا أنه يلاحظ أنه إذا
انتقل الحيوان إلى يد التابع فإن الأصل أن تبقى الحراسة للمالك لأنه هو الذي يملك
السلطة الفعلية في التوجيه والتصرف في أمر الحيوان,وذلك ما لم يتبين من الظروف أن
المالك قد خول التابع سلطة التوجيه والتصرف في أمر الحيوان.
كما لو كان التابع وكيلا
يباشر عمله في مكان بعيد عن المالك وعهد إليه المالك في تصريف بضائع له ووضع تحت
تصرفه لهذا الغرض حيوانا ومركبه.
وبالتأكيد كما يكون انتقال
الحراسة من المالك إلى شخص آخر بمقتضى اتفاق بينهما, فإن ذلك قد يحدث دون اتفاق, كما
لو سرق الحيوان من مالكه.
فإن السيطرة عليه قد تنتقل
إلى السارق سواء كان من أتباع المالك أو شخص غريب عن هذا المالك, وفي هذا المثال
بالتحديد يتضح أن الحراسة لا تقوم دائما على أساس حق للحارس على الحيوان بل تقوم
أولا وقبل كل على السيطرة الفعلية على الحيوان.
وهذا أيضا هو نفس الحل
بالنسبة إلى التابع الذي يستغل الحيوان في منفعته الشخصية متجاوزا بذلك حدود عقده
مع المالك.
ويلاحظ في هذه الصورة
الأخيرة أن المالك يمكن مسألته بوصفه متبوعا,لكن يتعين حينئذ إقامة الدليل.
ونص المادة 176من القانون
المدني المصري يقابلها نص المادة 289من القانون الأردني والتي تنص على أنه
"جناية العجماء جبارولكن فعلها الضار مضمون على ذي اليد عليها مالكا كان أو
غير مالك إذا قصر أو تعدى.
هذه المادة قررت أصليين
إقتبسهما المشرع الأردني من الفقه الإسلامي:ـ
أولهماـ أن جناية العجماء جبار أي أن الضرر الذي
يحدثه الحيوان هدر لا ضمان فيه.
أمثلة على ذلك:ـ
1)ـ لو ربط شخصان فرسيهما
في مكان معد لذلك فأتلف فرس أحدهما فرس الآخر, فليس من ضمان على صاحب الحيوان
المتلف.
2)ـ لا يترتب على صاحب
الهرة ضمان فيما لو أتلفت طيرا لإنسان.
3)ـ لو نطحت جاموسة إنسان
فقتلته فلا ضمان على صاحبها.
ثانيهماـ صيانة الأنفس والأموال من مبادئ الإسلام فإن
ثبت أن جناية العجماء كانت بتقصير من صاحبها,أي من ذي صاحب اليد عليها فإن صاحبها
يضمن الضرر.
أمثلة على ذلك:ـ
1)ـ لو أطلق شخص حيوانه
على مزروعات آخر يكون ضامنا بما أتلف.
2)ـ لو رى إنسان حيوانه
وهو في مزروعات غيره ومع ذلك لم يمنعه فيكون ضامنا بكل ما يحدثه من أضرار.
2)ـ المقصود بالحيوان:ـ
هناك تساؤل يطرح نفسه أي
نوع من أنواع الحيوانات يكون الحارس مسئولا؟.
لم تحدد المادة 176أي
الحيوانات يكون الشخص مسئولا عن الضرر الناشئ منهما فهي قد تكلمت عن الحيوان بصفة
عامة.
وبالتالي فهي لم تفرق بين
حيوان مستأنس وحيوان متوحش, ولا محل للتفريق بين حيوان آخر.كما يستوي أن يكون من
الدواب كالمواشي والخيل والبغال والحمير والجمال, أو من الحيوانات الأليفة كالكلاب
والقطط أو الدواجن أو الطير, أو الحيوانات المفترسة كالأسود والنمور.
إنما يشترط أن يكون
الحيوان حيا ومملوكا لأحد من الناس فجثة الحيوان الميت لا تعتبر
حيوانا بالمعنى المقصود في
هذا المقام, بل تعتبر من الأشياء غير الحية.
وقد ينطبق عليها حكم
المادة 178مدني إذا كانت حراستها تتطلب عناية خاصة,والحيوان الذي لا يملكه أحد
كالطير الذي لا مالك له,لايسأل شخص عما يحدثه من ضرر إلا إذا ثبت خطأ في جانبه.
إنما لا يجب ألا نبالغ
فنقول إن المالك يكون مسئولا عن الضرر الذي ينجم عن الحيوانات التي تكون فوق
أرضه,فهو لا يسأل إلا عن الحيوانات التي تكون في حراسته ومن ثم يجب أن تكون
الحيوانات متعلقة به أو بأرضه إذ هذه هي التي يكون له عليها سيطرة فعلية في التوجيه
والرقابة.
الشرط الثاني:ـ أن يقع
الضرر بفعل الحيوان.
1)ـ فعل الحيوان.
مفاد هذا الشرط أن يكون
الضرر راجعا إلى تدخل إيجابي من جانب الحيوان, سواء اتصل الحيوان بالمضرور ماديا
أم لا.
أي يجب أن يكون الحيوان هو
الذي أحث الضرر أيا كانت الصورة التي وقع بها الضرر.فقد يجرح الحيوان إنسانا, وقد
يفلت حيوان مفترس من حراسة صاحبه ويخرج إلى الطريق العام فيصاب أحد المارة بالذعر
فيسقط ويجرح دون أن يمسه الحيوان.
ولكن ما هو الحكم إذا
اقترب الإنسان من حيوان مفترس كما في حديقة الحيوان ولم يمنعه الحارس بالقوة رغم
أنه حذره؟
نقول أنه من المؤكد أن
مهمة الحارس لاتقتصر على التحذير فقط بل تمتد إلى المنع ولو بالقوة ولو قلنا غير
ذلك لكان بمثابة إعفاء ضمني من المسئولية التقصيرية وهو أمر لا يفوته القانون.
كذلك قد يكون الضرر عدوى
ينقلها الحيوان إلى الغير أو أصوات مزعجة يرسلها الحيوان.ولكن يلاحظ أنه ليس في كل
الحالات التي يحدث فيها احتكاك مادي بين الحيوان وبين ما أصابه ضرر ينسب فيه الضرر
للحيوان كما في الأمثلة السابقة.
وكان السائد فيما سبق أن
الحيوان إذا كان في قيادة الذي يركبه وقت حصول الضرر كانت المسئولية عن فعل الشخص
لا عن فعل الحيوان على أساس أن الضرر وقع من الشخص لا من الحيوان.
ولكن هناك مسألة يجب الفصل
فيها وهي أنه يحصل أحيانا أن يكون هناك شخص يقود الحيوان الذي أحدث الضرر أو يقود
العربة التي يجرها الحيوان والتي أحدثت الضرر فهل يعتبر الضرر في مثل هذه الحالات
من فعل الإنسان أم من فعل الحيوان؟
هذه المسألة لها أهمية
علمية كبيرة, فلو اعتبرت الإصابة قد حدثت بفعل الإنسان وجب على المضرور أن يثبت
الخطأ طبقا للقواعد العامة.وإذا اعتبرت الإصابة بفعل الحيوان فلا يكلف المضرور
بإثبات خطأ ما,وهو الذي يتفق مع مصلحة المضرور.
والرأي الأخير هو الرأي
الصحيح الذي انتهى إليه القضاء, بعد أن كا, لأنهل بالرأي الأول.ذلك أن الإصابة في
مثل هذه الحالات لا تعتبر أنها قد حدثت بفعل الإنسان إلا إذا كان قد تعمدها.وفيما
عدا هذه الحالة النادرة تعتبر الإصابة قد حدثت بفعل الحيوا, لأنهه عندما أحدث
الضرر يكون زمامه قد أفلت من يد الإنسان.
2)ـ ضررا للغير.
يسأل الحارس عن أي ضرر
يصيب الغير بفعل الحيوان,كأن يدهس حيوان شخصآ فيجرحه,أو يتلف حيوان مالآ للغير,أو
يعض كلب شخصآ,أو ينتقل مرض معد من حيوان إلى آخر يملكه للغير وينطبق هذا الحكم إذا
كان الضرر الذي أحدثه الحيوان قد وقع على غير الحارس.فقد يكون هذا الغير أجنبيا عن
الحارس,وقد يكون هو المالك إذا كان شخص غير الحارس.
هل دولة مسؤل مدنية عن حيوانات موجودة في غابات بإعتبار الدولة حارس لهن او هل يطبق قاعدة الدولة معوض لمن لاعوض له قياس على الدولة وارث لمن لاوارث له
ردحذفمن وجهة نظري الدولة غير مسئولة عن الحيوانات الموجودة في الغابة، حيث أنها حيوانات برية وهذا موطنها، وعلى من يدخل تلك الغابات أن يتوخى الحيطة والحذر، خاصة أن الدولة تنبه وتضع اللافتات تحذر من دخول الغابات لوجود حيوانات مفترسة، وبالتالي اذا رفعت دعوى لتعويض المضرور من هجوم حيوان في الغابة سيتم رفضها، اما اذا ثبت هروب الحيوان من الغابة ودخل الى المدينة وقام بجرح آخرين، هنا تقع مسئولية الدولة لأنها مسئولة عن حماية المواطنين وما حدث يوجب المسئولية التقصيرية،، هذا من وجهة نظري ويمكنك التعمق في البحث واحاطتي اذا كان هناك وجهة نظر أخرى .. شكرا على مرورك
ردحذف