التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اثر القوة القاهرة في المسئولية الناشئة عن الأشياء


اثر القوة القاهرة في المسئولية الناشئة عن الأشياء
ـ تعريف القوة القاهرة:ـ
القوة هي الحدث الذي لا يمكن عادة توقعه أو ترقبه ولا من الاستطاعة دفعه أو تلافيه,وهو الذي يحصل من غير أن يكون للحارس يد فيه أو للشئ دخل به,فيكون بمصدره خارجا عن هذا وذاك.
وهذا التعريف يبرز خصائص القوة القاهرة على الشكل الواضح,وقد اعتمده الاجتهاد إطارا أو مدلولا وإن كان يغير بعض المرات في الاصطلاحات التي تعبر عن الخصائص كأن يرى القوة القاهرة متمثلة:ـ
في حادثة غير متوقعة على الوجه الطبيعي حصلت فجعلت وقوع الضرر محتوما من غير أن يكون بالإمكان تداركه أو تجنبه.
أو في حادث وقع من غير ترقب له ومن غير أن يكون للحارس أن يتغلب عليه,ولو لم يكن هو ذاته معزوا إلى هذا الحارس أو إلى الشئ العائدة إليه حراسته.
وبالطبع فإن تقدير أمر الاستحالة متروكا للقاضي وذلك بحسب معطيات القضية وأسباب الواقعة.
 بعد هذا التعريف البسيط للقوة القاهرة نقوم بتوضيح شروط القوة القاهرة ثم بعد ذلك اثر القوة القاهرة في نبذتين فيما يلي:ـ
النبذة الأولى
شروط القوة القاهرة
هناك ثلاثة شروط للقوة القاهرة أولهماـ أن يكون الحدث غير ممكن التوقع أو الترقب , وثانيهماـ أن يكون مستحيل دفعه أو التغلب عليه,وثالثهماـ أن يكون بذاته أجنبيا خارجا عن الشئ وحارسه.
الشرط الأول:ـ عدم إمكان التوقع.
يجب أن يكون الحادث غير متوقع,فإذا كان من الممكن توقعه,فإن الشخص يعتبر مقصرا إذ لم يتخذ الاحتياطات اللازمة لتلافي ما يمكن أن يترتب عليه من آثار.
واستحالة التوقع المفروضة ليست نسبية وإنما هي مطلقة,فلا تقدر بالنسبة إلى شخص الحارس المدعي عليه وكفاءته وتيقظه أو مزاجه وطريقة حكمه على الأشياء,وإنما بالنسبة إلى الشخص العادي المتبصر المحترس غير المتواني.
ولا يكفي أن يكون الحدث قد وقع قبلا ليكون مثله مرتقبا في كل مرة,فالزلازل والبراكين والفيضانات غير العادية والحروب كلها حوادث سبق وقوعها,ومع ذلك تعتبر قوة قاهرة طالما لم تكن متوقعة في الوقت الذي حدثت فيه مرة ثانية.
ويبقى الحادث غير مرتفب وإن كان ثمة إبهام أو غموض حول احتمال وقوعه بحيث أنه لا يمكن في ظرفه الجزم بأن ترقبه كان ممكنا.
الشرط الثاني ـ عدم إمكان الدفع.
يجب أيضا أن تكون القوة القاهرة أو الحادث الفجائي مستحيل الدفع,فإذا أمكن دفع الحادث حتى لو استحال توقعه لم يكن قوة قاهرة أو حادثا فجائيا.
وهذه الاستحالة هي بدورها مطلقة يحكمها معيار موضوعي ينطلق من وضع الشخص العادي اليقظ.فإن لم يكن لمثل هذا الشخص أن يتدارك الحادث لو وجد في ظرف الحادث, فإن شرط الاستحالة يكون متوافرا.
ولا ينبغي الخلط بين حدث غير متوقع في منشئه وبين نتيجة له لم تكن لتحصل لولا إهمال من الحارس سهل حصولها أو أتاح فرصتها,إذ في هذه الحالة كان للحارس أن يتدارك النتيجة لو تصرف بالشكل الواجب الذي لم يكن ليخرج عن طاقته.
الشرط الثالث ـ اشتراط عامل خارجي بالنسبة إلى الشئ وحارسه .
من الشروط أيضا لتحقق القوة القاهرة,أن يكون الحدث عاملا أجنبيا لا يرتبط مصدره لا بالشئ ولا بحارسه,أي أن يكون عاملا خارجا عنهما معا,ولا يعني هذا الاشتراط في الضرورة إخراج الشئ عن دائرة الحادث,إنما لا يجعل منه السبب المنتج للضرر,إذ يرجع مصدر الحادث أصلا إلى العامل الأجنبي الذي ولده.
وهذا الاشتراط يفترض تحليلا للرابطة السببية بين الضرر الحاصل وبين العوامل المتدخلة في حصوله.
غير أنه لو كان في الشئ عيب عند تدخله في الواقعة الضارة وكان لهذا العيب تأثيره السببي في إحداث هذه الواقعة,فإنه لا يظل لحارس الشئ أن يحتج بقوة قاهرة يرد إليها الضرر.
النبذة الثانية
اثر القوة القاهرة
إذا توافرت للقوة القاهرة شرائطها انقطعت بها علاقة السببية وبالتالي لا تجعل المخطئ ملزما بالتعويض.والإعفاء من التعويض كامل فإن كان الضرر حصيلة القوة القاهرة وخطأ المسئول ولا يلتزم المسئول مساهمة خطئه في إحداث الضرر على نحو يبقى فيه جزء من الضرر دون تعويض.
هذا وبفضل الله انتهينا من الفصل التمهيدي,ولكن لا بد من الاعتذار عن طول هذا الفصل ولكن كان لابد من ذكره وذلك من أهميته وبعد هذا الفصل التمهيدي وهذا الاعتذار الواجب علينا, نتحول إلى الفصول القادمة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفكر الاقتصادي في العصور الوسطى الأوروبية

العصور الوسطى الأوروبية: في القرون من التاسع حتى الخامس عشر الميلادية ساد في أوربا التكوين الاجتماعي الاقطاعي، وتتميز طريقة انتاجه التي بدأت في فرنسا ثم انتشرت في انجلترا وباقي مجتمعات أوروبا: ــ بأن العلاقات الاجتماعية للانتاج تدور أساسا حول الأرض التي تصبح البلورة المادية للملكية العقارية، اذ هي ترتكز على اقتصاد يغلب عليه الطابع الزراعي. ــ لمن يقومون بالعمل في الانمتاج الزراعي حق استعمال الأرض وشغلها. أما حق ملكيته فهو على درجات لهرم من السادة تحدده التقاليد والعادات. ــ هذا الأساس الاقتصادي يقابله شبكة من الروابط الشخصية، جزء من العاملين لا يتمتع بكامل حريته الشخصية حيث أنهم أقنان، أما السادة فيرتبط نظام ملكيتهم بنظام من الواجبات يتحمل بها كل منهم في مواجهة من هو أعلى منه. وتجد طريقة الانتاج هذه جذورها في المجتمع القديم حين بدأ كبار ملاك الأراضي يقاومون سلطة روما عن طريق الاقامة في ملكياتهم العقارية وتوسيع هذه الملكيات بالسيطرة على الملكيات الأصغر والمزارع المهجورة. في هذا النظام توجد جذور نظام الأقنان، غير أن هذا لا يعني أن القن وجد كنتيجة للتحرر الجزئي للعبد وانما ي...

مفهوم التخلف والدولة المتخلفة

لقد تعددت مسميات الدول الفقيرة فهناك من يطلق عليها الدول المتأخرة لأنها لم تصل الى مستوى مرتفع من التقدم الفني والاقتصادي , كما أطلق عليها الدول المتخلفة حيث تنخفض فيها مستويات المعيشة عن تلك المستويات السائدة في دول أوروبا , كما أطلق عيها الدول النامية حيث تقوم هذه الدول بمجهود انمائي , كما أطلق عليها أخيرا دول العالم الثالث حيث أن هذه الدول لا تمثل مجموعة متجانسة يمكن أن يشملها تعريف واحد. والحقيقة أنه لا يوجد أي فرق جوهري في هذه المسميات ولكننا سنتفق علي مصطلح الدول المتخلفة. أولا: مفهوم التخلف:- هناك ثلاث اتجاهات رئيسية لتعريف وتحديد التخلف نتناولهم كالآتي:- 1-                       الاتجاه الأول: يقوم هذا الاتجاه بحصر سمات ومظاهر التخلف المتمثلة في انخفاض متوسط الأجور ومستويات المعيشة والاستثمار وانتشار البطالة. ويركز هذا الاتجاه على انخفاض الدخل القومي مما يؤدي الى انخفاض متوسط دخل الفرد وذلك يؤدي الى انخفاض معدل الاشتثمار مما يؤدي الى انخفاض الدخل وبالتالي ترسيخ جذور ا...

نظرية الانتاج

نظرية الانتاج ـ الانتاج يتمثل في الجهد الانساني الذي يبذل لجعل الموارد الاقتصادية صالحة لاشباع الحاجات الانسانية، وهو جهد يتضمن علاقة مزدوجة. علاقة بين الانسان والطبيعة، وعلاقة بين الانسان والانسان. ـ تتطلب عملية الانتاج توافر العناصر الآتية: القوة العاملة وأدوات العمل وموضوع العمل. ـ تضم نظرية الانتاج موضوعات عديدة أهمها: عناصر الانتاج وكيفية التأليف بين هذه العناصر وأشكال المشروعات القائمة الانتاج، واتجاهات هذه المشروعات. ـ عناصر الانتاج وتسمى أيضا عناصر المشروع هي الموارد التي يستخدمها المجتمع في انتاج ما يحتاجه من سلع وخدمات، عناصر الانتاج أربعة: الطبيعة والعمل ورأس المال والتنظيم. ـ الموارد الطبيعية كعنصر من عناصر الانتاج هي كافة هبات الطبيعة التي لم يوجدها عمل انساني سابق ولا حاضر والتي تمكن الانسان من انتاج السلع والخدمات التي يحتاجها لاشباع حاجاته. ـ الطبيعة عنصر سلبي في الانتاج. ـ هناك عدة عوامل اساسية تحكم مدى كفاية الموارد الطبيعية لحاجة الانسان اليها للقيام بنشاطه الانتاجي وهي على سبيل الحصر: 1-          ...