التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أساس مسئولية حارس البناء


أساس مسئولية حارس البناء
أولاـ أساس مسئولية حارس البناء في القانون المدني:ـ
يذهب جمهور الفقهاء إلى تأسيس مسئولية البناء على الخطأ المفترض في جانب الحارس فالمضرور لا يثبت إلا أن الضرر الذي أصابه نجم عن تهدم البناء سواء كان هذا التهدم كلي أم جزئي.حيث يفترض خطأ الحارس وذلك بإهماله في صيانة البناء أو في تحديثه أو في إصلاحه
هذه المسئولية أساسها الخطأ الشخصي:ـ
يقع حارس البناء واجب البناء واجب يفرض عليه أن يعتني بصيانة البناء وتجديده وإصلاح ما فيه من عيب, فإذا قصر في أداء هذا الواجب كان هذا الحارس مخطأ خطأ شخصي وبالتالي تتحقق مسئوليته.
ولو ترك الأمر للقواعد العامة لكان على المضرور أن يثبت هذا الخطأ في جانب الحارس والضرر الذي أصابه وعلاقة السببية.غير أن الشارع رأى أن يخفف عن المضرور عبء هذا الإثبات حتى ييسر له الحصول على التعويض,فافترض الخطأ في جانب الحارس,حيث جعل وجود البناء في حراسة شخص ومن الطبيعي أن انهدام هذا البناء وإحداثه ضررآ للغير ما هو إلا قرينة على قيام الخطأ في جانب الحارس.وهذا الخطأ المفترض إما إهمال في الصيانة أو التجديد أو الإصلاح وهذا بالنسبة إلى البناء.
وبذلك لا يكون على المضرور أن يثبت خطأ في جانب الحارس, وإنما يكفيه أن يقيم الدليل هاتين الواقعتين اللتين تقوم عليهما القرينة.
ويتبين من هذا أن أساس المسئولية في هذه الحالة هو الخطأ الشخصي كما هو الشأن طبقآ للقواعد العامة.
ومادام أن المسئولية هنا تقوم الخطأ الشخصي فإن المضرور يستطيع ألا يقف عند حد الاستفادة من حكم القرينة, فيقوم بإثبات الخطأ في جانب الحارس ويمنعه بذلك من أن خطأ عن نفسه.

ويلاحظ انه على الرغم من قيام هذه المسئولية على الخطأ الشخصي فإنها تتحقق حتى لو كان حارس البناء غير مميز,إذ هو لا يسأل عن ضرر ينجم عن فعل يصدر منه شخصيآ,وإنما يسأل عن ضرر يحدثه فعل شيء في حراسته,والمفروض أنه إذا كان غير مميز فإن هناك من ينوب عنه في تولي الحراسة.

دفع المسئولية:ـ

يذهب غالبية الشارحين إلى أن حارس البناء يمكن أن يدفع مسئوليته عن طريق نفي الخطأ وذلك بأن يثبت أن تهدم البناء لا يرجع سببه إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه,ويعتبر هذا الخطأ المفترض ذو شقين:ـ

الشق الأول:ـ

يقوم هذا الشق على أن التهدم سببه إهمال في صيانة البناء أو إهمال في تجديده أو في إصلاحه وهذا الخطأ يقبل إثبات العكس.وهو يستطيع ذلك بإحدى وسيلتين وهما أن يثبت بأن البناء المقصود لم يكن في حاجة إلى الصيانة أو التجديد أو الإصلاح,وإما أن يثبت أن التهدم كان نتيجة لسبب غير الحاجة إلى الصيانة أو إلى التجديد أو إلى الإصلاح,وذلك كحريق شب في البناء أو متفجرات دمرته أو زلزال أو فيضان,فإذا قام بهذا الإثبات دفع عن نفسه الخطأ المفترض.
الشق الثاني:ـ
وهو يقوم على أن الإهمال منسوب إلى خطأ الحارس, وهو لا يقبل إثبات العكس, وغني عن البيان كما قلنا أن حارس البناء لا يكون من عديمي التمييز لأن مسئولية الحارس قائمة على الخطأ والخطأ مستحيل في حق عديم التمييز.
ومن خلال المادة "290"من القانون المدني الأردني يتضح أن أساس مسئولية مالك البناء أو المتولي عليه هو التقصير المفترض.
ومن خلال هذه المادة نرى أن القانون المدني الأردني يتميز عن نظيره المصري أن المسئول عن الضرر الذي أحدثه البناء هو مالك البناء أو متوليه أيآ من كانت له ولاية التصرف فيه لا حارس البناء وذلك بخلاف القانون المصري الذي قرر أن المسئولية تقع على حارس البناء لا على مالكه.
ثانياـ أساس مسئولية حارس البناء في الشريعة الإسلامية.

لا خلاف بين الفقهاء في الشريعة الإسلامية في أن التعدي هو الذي يقوم عليه ضمان صاحب البناء نتيجة ما يحدثه من سقوطه من أضرار بالآخرين. 
وإن تحليل المسائل التطبيقية لهذا الموضوع من خلال الفقه الإسلامي يكشف لنا أن هناك حالات يكون فيها مالك البناء مباشرآ للضرر الذي يحدثه تهدم البناء,وذلك كما لو كان البناء معيبا منذ إنشائه,فقد جاء مثلا أنه "لو بنى حائطآ مائلآ في الابتداء,قالوا يضمن ـ أي المالك ـ ما تلف بسقوطه من غير إشهاد,لأن البناء تعد ابتداء كما في إشراع الجناح" أما لو طرأ التهدم بعد إقامة البناء سليما,فإن تطبيقات الفقهاء على ذلك توجب إثبات تعدي المالك,بل بعضها يبالغ في هذا الاتجاه لدرجة أنه لا يبيح مساءلة المالك في هذه الحالة إلا إذا تم تسجيل التعدي عليه,باشتراطه تقدم أحد للمالك يخبره بميل بنائه أو أته آيل للسقوط فإن لم يقم بإصلاح بنائه أو نقصه بالرغم من ذلك,ضمن ما ترتب على تهدمه من ضرر,وهو ما أخذ به القانون المدني الأردني كما رأينا من خلال المادة290
ومن ذلك يمكن القول بأن الفقه الإسلامي أقام المسئولية عن تهدم البناء على أساس التعدي الواجب الإثبات.
تطبيقات عملية خاصة بمسئولية حارس البناء ودعوى التعويض.
1)ـ المقصود بحارس البناء من تكون له السيطرة الفعلية عليه لحساب نفسه أو لحساب غيره.الحراسة تكون للمالك ولا تنتقل بالإجارة أو الحيازة للمستأجر, ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك.
لا يحق للمالكة نفي مسئوليتها التقصيرية لقيام العلاقة التعاقدية بينها وبين المستأجر,
وحكم المادة"568"بوجوب إخطار المستأجر للمؤجر للصيانة لا يسري على أحوال المسئولية التقصيرية.
وفي هذا الصدد تقول محكمة النقض:ـ
المقصود بحارس البناء هو من نكون له السيطرة الفعلية........كما قلنا في أعلى الصفحة.
2)ـ قيام مسئولية حارس البناء على الخطأ المفترض غير القابل لإثبات العكس وانتفاؤها بنفي السببية بين الخطأ المفترض والضرر:ـ
وتقول محكمة النقض في هذا الصدد:"مسئولية حارس البناء تقوم قانونا عند تهدم البناء كليا أو جزئيا, وهي تستند إلى خطأ مفترض في جانب الحارس, بإهمال صيانة البناء أو التجديد أو الإصلاح.وهو خطأ لا يقبل إثبات العكس,بإقامة الدليل على قيامه بالصيانة أو التجديد أو الإصلاح.
3)ـ تحدي مالك البناء بأن مسئوليته قبل تابع المستأجر عقدية وليست تقصيرية,دفاع يخالطه واقع عدم جواز اثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وتقول محكمة النقض في هذا الصدد:"إذ لم يثبت من الأوراق أن الطاعنة ـالمالكة ـ تمسكت أمام محكمة الموضوع,بأن المضرور كان تابعا للمطعون عليها الأخيرة,التي تربطها بها علاقة ايجارية,وأن مسئوليتها لذلك تكون عقدية وليست تقصيرية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفكر الاقتصادي في العصور الوسطى الأوروبية

العصور الوسطى الأوروبية: في القرون من التاسع حتى الخامس عشر الميلادية ساد في أوربا التكوين الاجتماعي الاقطاعي، وتتميز طريقة انتاجه التي بدأت في فرنسا ثم انتشرت في انجلترا وباقي مجتمعات أوروبا: ــ بأن العلاقات الاجتماعية للانتاج تدور أساسا حول الأرض التي تصبح البلورة المادية للملكية العقارية، اذ هي ترتكز على اقتصاد يغلب عليه الطابع الزراعي. ــ لمن يقومون بالعمل في الانمتاج الزراعي حق استعمال الأرض وشغلها. أما حق ملكيته فهو على درجات لهرم من السادة تحدده التقاليد والعادات. ــ هذا الأساس الاقتصادي يقابله شبكة من الروابط الشخصية، جزء من العاملين لا يتمتع بكامل حريته الشخصية حيث أنهم أقنان، أما السادة فيرتبط نظام ملكيتهم بنظام من الواجبات يتحمل بها كل منهم في مواجهة من هو أعلى منه. وتجد طريقة الانتاج هذه جذورها في المجتمع القديم حين بدأ كبار ملاك الأراضي يقاومون سلطة روما عن طريق الاقامة في ملكياتهم العقارية وتوسيع هذه الملكيات بالسيطرة على الملكيات الأصغر والمزارع المهجورة. في هذا النظام توجد جذور نظام الأقنان، غير أن هذا لا يعني أن القن وجد كنتيجة للتحرر الجزئي للعبد وانما ي...

مفهوم التخلف والدولة المتخلفة

لقد تعددت مسميات الدول الفقيرة فهناك من يطلق عليها الدول المتأخرة لأنها لم تصل الى مستوى مرتفع من التقدم الفني والاقتصادي , كما أطلق عليها الدول المتخلفة حيث تنخفض فيها مستويات المعيشة عن تلك المستويات السائدة في دول أوروبا , كما أطلق عيها الدول النامية حيث تقوم هذه الدول بمجهود انمائي , كما أطلق عليها أخيرا دول العالم الثالث حيث أن هذه الدول لا تمثل مجموعة متجانسة يمكن أن يشملها تعريف واحد. والحقيقة أنه لا يوجد أي فرق جوهري في هذه المسميات ولكننا سنتفق علي مصطلح الدول المتخلفة. أولا: مفهوم التخلف:- هناك ثلاث اتجاهات رئيسية لتعريف وتحديد التخلف نتناولهم كالآتي:- 1-                       الاتجاه الأول: يقوم هذا الاتجاه بحصر سمات ومظاهر التخلف المتمثلة في انخفاض متوسط الأجور ومستويات المعيشة والاستثمار وانتشار البطالة. ويركز هذا الاتجاه على انخفاض الدخل القومي مما يؤدي الى انخفاض متوسط دخل الفرد وذلك يؤدي الى انخفاض معدل الاشتثمار مما يؤدي الى انخفاض الدخل وبالتالي ترسيخ جذور ا...

نظرية الانتاج

نظرية الانتاج ـ الانتاج يتمثل في الجهد الانساني الذي يبذل لجعل الموارد الاقتصادية صالحة لاشباع الحاجات الانسانية، وهو جهد يتضمن علاقة مزدوجة. علاقة بين الانسان والطبيعة، وعلاقة بين الانسان والانسان. ـ تتطلب عملية الانتاج توافر العناصر الآتية: القوة العاملة وأدوات العمل وموضوع العمل. ـ تضم نظرية الانتاج موضوعات عديدة أهمها: عناصر الانتاج وكيفية التأليف بين هذه العناصر وأشكال المشروعات القائمة الانتاج، واتجاهات هذه المشروعات. ـ عناصر الانتاج وتسمى أيضا عناصر المشروع هي الموارد التي يستخدمها المجتمع في انتاج ما يحتاجه من سلع وخدمات، عناصر الانتاج أربعة: الطبيعة والعمل ورأس المال والتنظيم. ـ الموارد الطبيعية كعنصر من عناصر الانتاج هي كافة هبات الطبيعة التي لم يوجدها عمل انساني سابق ولا حاضر والتي تمكن الانسان من انتاج السلع والخدمات التي يحتاجها لاشباع حاجاته. ـ الطبيعة عنصر سلبي في الانتاج. ـ هناك عدة عوامل اساسية تحكم مدى كفاية الموارد الطبيعية لحاجة الانسان اليها للقيام بنشاطه الانتاجي وهي على سبيل الحصر: 1-          ...