التخطي إلى المحتوى الرئيسي

متى تتحقق مسئولية حارس البناء؟


متى تتحقق مسئولية حارس البناء؟
يتضح لنا من خلال المادة"177" مدني والتي تم ذكرها منذ قليل أنه يشترط لقيام مسئولية حارس البناء شرطان هما أن يكون أن يكون هناك بناء في حراسة شخص, و
الآخر أن يحدث ضرر للغير نتيجة لانهدام البناء.
إذآ يستفاد من هذا أنه يشترط لقيام المسئولية عن فعل البناء:ـ
1)ـ أن يتولى شخص حراسة البناء.
2)ـ أن يحدث انهدام البناء ضررآ للغير.

وسوف نتناول هذان الشرطان فيما يلي:ـ
الشرط الأول ـ أن يتولى شخص حراسة بناء.
من خلال قراءتنا الأولية لهذا الشرط يقتضي علينا أن نحدد المقصود بالحراسة, ثم المقصود بالبناء.
1)ـ المقصود بالحراسة:ـ
يراد بالحارس هنا, كما رأينا بالنسبة إلى الحيوان, هو من له السلطة الفعلية على البناء
والتصرف في أمره.
إذ أن هذا هو المعيار الذي يتفق مع ما تقضي به المادة"177"مدني من أن "حارس البناء,ولو لم يكن مالكآ له,مسئول عما يحدثه انهدام البناء من ضرر".
وفي ضوء هذا المعيار لا يتحتم أن يكون الحارس هو من له الحيازة المادية, لا من له الحيازة القانونية.كما يستوي أن تكون السلطة كما قلنا سلطة شرعية أو غير شرعية,
فالمغتصب يعتبر هو الحارس الذي يسأل عما أحدثه انهدام البناء من ضرر.
وتطبيقآ لهذا المعيار يعتبر مالك البناء هو في الأصل الحارس,وهذا افتراض تنهض به القواعد العامة في عبء الإثبات,فالأصل أن مالك البناء هو الحارس.
ومن يصيبه الضرر من انهدام البناء يستطيع الرجوع على مالكه باعتباره الحارس له,و
لا يطالب بإثبات ذلك, بل على المالك أن ينفي عن نفسه صفة الحارس إذا أراد أن ينفي مسئوليته.
ويعتبر البائع قبل التسليم هو الحارس, حتى لو كان عقد البيع قد سجل, فلا تنتقل الحراسة إلى المشتري إلا بالتسليم وتنتقل الحراسة من المالك إلى صاحب حق الانتفاع,والمستحكر,والمرتهن رهن حيازة, ومن يحوز البناء بنية تملكه, أما المستأجر والمستعير فالأصل أنها لا يعتبران حارسين, لأن السلطة الفعلية على البناء تبقى للمالك.
وذلك على خلاف ما رأينا بالنسبة إلى الحيوان.غير أنه إذا أقام المستأجر بناء في العين المستأجرة فإنه يعتبر حارسا لهذا البناء حتى تنتقل ملكيته إلى المالك وفقا للاتفاق أو لقواعد الالتصاق.
2) ـ المقصود بالبناء:ـ
المقصود بالبناء هو كل ما شيده الإنسان متصلآ بالأرض اتصال قرار بحيث يعتبر عقارآ بطبيعته.فلا أهمية لنوع المواد التي تستعمل,ولا لكون البناء قد شيد فوق سطح الأرض أو في باطنها,فقد يكون البناء من الخشب أو طين أو جير أو جبس أو حديد,
أو غير ذلك من المواد ,وسواء وجد هذا البناء في القرية أو في المدينة.
وقد يكون هذا البناء للسكن كالبيوت, أو لإيواء الحيوانات كالإسطبلات, أو لإيداع الأشياء كالمخازن, أو لغرض غير ذلك كتمثال تذكاري.
وقد يكون مشيدآ فوق سطح الأرض كالقناطر والخزانات والجسور,أو مشيدآ في باطن الأرض كالأنفاق والمجاري وأنابيب المياه.وينطبق الحكم حتى لو كان البناء ما يزال في دور التشييد.
الشرط الثاني ـ أن يحدث انهدام البناء ضررآ للغير
لا يكفي أن يتولى شخص حراسة البناء,وإنما كذلك أن يتهدم البناء,وأن يترتب على هذا التهدم ضررآ للغير وسنفصل هذين الأمرين:ـ
1)ـ تهدم البناء:ـ
المقصود يتهدم البناء تفككه وانفصاله عن الأرض ويستوي أن يكون التهدم كليآ أو جزئيآ ,وكانهيار البناء كليآ أو جزئيآ ,وأيضأ كانهيار البناء كله أو سقوط السقف أو أحد الجدران أو الشرفة أو السلم.
وإذا لم يتهدم البناء فلا ينطبق الحكم الذي نحن بصدده حتى لو كان الضرر آتيا من البناء.فلو أن زلقت قدمه وهو يمشي على أرضية بناء دهنت بمادة لزجة فأصيب بضرر, أو سقط من فتحة في سطح الدار لم تكن محاطة بحاجز وجب عليه أن يثبت خطأ في جانب المسئول.
ويشترط أن يكون التهدم راجعا إلى حالة البناء,بحيث يكون مرده إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه.فإذا احترق بناء فإن مايترتب على الحريق من ضرر لا يعتبر راجعا إلى تهدم البناء,حتى لو كان البناء قد انهار عقب الحريق مباشرة وبسببه فأصاب الغير بضرر.
أما إذا تهدم البناء بعد الحريق بمدة غير قصيرة فإن ما ينجم عن ذلك من ضرر يعتبر راجعا إلى تهدم البناء ويسأل عنه الحارس,حتى لو كان هذا التهدم نتيجة للحريق,إذ يعتبر الحارس مقصرا في قيامه بالصيانة اللازمة طوال هذه المدة.
2)ـ ضرر للغير:ـ
ينطبق الحكم إذا كان الضرر الذي أحدثه انهدام البناء قد وقع على غير الحارس,وذلك على التفصيل الذي فيما يخص الحيوان,فقد يكون هذا الغير أجنبيا عن الحارس,وقد يكون هو تابع الحارس,وقد يكون هو المالك إذا كان شخصا غير الحارس.
إنما يلاحظ أنه إذا كان هناك عقد بين المضرور وحارس البناء يلزم لهذا الأخير بصيانة البناء ومنعه من الإضرار بالأول,كما لو كان المضرور مستأجرآ للبناء أو كان نزيلآ في فندق,فإن مسئولية الحارس تكون مسئولية عقدية وليست تقصيرية,فلا ينطبق الحكم الذي نحن بصدده.
ونص المادة "177" من القانون المدني المصري تواجهه المادة "290" من القانون الأردني بأنه:ـ
1)ـ الضرر الذي يحدثه للغير إنهيار البناء كله أو بعضه يضمنه مالك البناء أو التولي عليه,إلا إذا ثبت عدم تعديه أو تقصيره.
2)ـ ولمن كان مهددآ بضرر يصيبه من البناء أن يطالب المالك باتخاذ ما يلزم من التدابير الضرورية لدرء الخطر فإن لم يقم المالك بذلك كان للمحكمة أن تأذنه في اتخاذ هذه التدابير على حساب المالك.

جواز مطالبة المالك باتخاذ التدابير الوقائية:ـ
رأينا من خلال نص المادة "177" مدني والتي تقضي في هذا الخصوص بأنه "يجوز لمن كان مهددآ بضرر يصيبه من البناء أن يطالب المالك باتخاذ ما يلزم من التدابير الضرورية لدرء الخطأ.فإن لم يقم المالك بذلك جاز الحصول على إذن من المحكمة في اتخاذ هذه التدابير على حسابه".
فهذا حكم وقائي أراد به الشارع أن يواجه حالة لا يكون البناء فيها قد تهدم فعلا,بل يكون مهددا بالسقوط في مجموعه أو جزء منه.إذ يجوز حينئذ لمن يهدده ضرر ما من جراء تهدم البناء أن يطالب مالك هذا البناء باتخاذ مايلزم من التدابير لدرء الخطر.
وهذه المطالبة توجه إلى المالك وليس إلى الحارس, وذلك لأن المالك بطبيعة الحال هو الذي يلتزم بتحمل نفقات المحافظة على هذا البناء.
وإذا لم يستجب المالك لهذه المطالبة, وترتب على ذلك أن تهدم البناء وتحقق الضرر, فإنه يسأل عن هذا الخطأ.هذا فضلا عن مسئولية الحارس.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفكر الاقتصادي في العصور الوسطى الأوروبية

العصور الوسطى الأوروبية: في القرون من التاسع حتى الخامس عشر الميلادية ساد في أوربا التكوين الاجتماعي الاقطاعي، وتتميز طريقة انتاجه التي بدأت في فرنسا ثم انتشرت في انجلترا وباقي مجتمعات أوروبا: ــ بأن العلاقات الاجتماعية للانتاج تدور أساسا حول الأرض التي تصبح البلورة المادية للملكية العقارية، اذ هي ترتكز على اقتصاد يغلب عليه الطابع الزراعي. ــ لمن يقومون بالعمل في الانمتاج الزراعي حق استعمال الأرض وشغلها. أما حق ملكيته فهو على درجات لهرم من السادة تحدده التقاليد والعادات. ــ هذا الأساس الاقتصادي يقابله شبكة من الروابط الشخصية، جزء من العاملين لا يتمتع بكامل حريته الشخصية حيث أنهم أقنان، أما السادة فيرتبط نظام ملكيتهم بنظام من الواجبات يتحمل بها كل منهم في مواجهة من هو أعلى منه. وتجد طريقة الانتاج هذه جذورها في المجتمع القديم حين بدأ كبار ملاك الأراضي يقاومون سلطة روما عن طريق الاقامة في ملكياتهم العقارية وتوسيع هذه الملكيات بالسيطرة على الملكيات الأصغر والمزارع المهجورة. في هذا النظام توجد جذور نظام الأقنان، غير أن هذا لا يعني أن القن وجد كنتيجة للتحرر الجزئي للعبد وانما ي...

مفهوم التخلف والدولة المتخلفة

لقد تعددت مسميات الدول الفقيرة فهناك من يطلق عليها الدول المتأخرة لأنها لم تصل الى مستوى مرتفع من التقدم الفني والاقتصادي , كما أطلق عليها الدول المتخلفة حيث تنخفض فيها مستويات المعيشة عن تلك المستويات السائدة في دول أوروبا , كما أطلق عيها الدول النامية حيث تقوم هذه الدول بمجهود انمائي , كما أطلق عليها أخيرا دول العالم الثالث حيث أن هذه الدول لا تمثل مجموعة متجانسة يمكن أن يشملها تعريف واحد. والحقيقة أنه لا يوجد أي فرق جوهري في هذه المسميات ولكننا سنتفق علي مصطلح الدول المتخلفة. أولا: مفهوم التخلف:- هناك ثلاث اتجاهات رئيسية لتعريف وتحديد التخلف نتناولهم كالآتي:- 1-                       الاتجاه الأول: يقوم هذا الاتجاه بحصر سمات ومظاهر التخلف المتمثلة في انخفاض متوسط الأجور ومستويات المعيشة والاستثمار وانتشار البطالة. ويركز هذا الاتجاه على انخفاض الدخل القومي مما يؤدي الى انخفاض متوسط دخل الفرد وذلك يؤدي الى انخفاض معدل الاشتثمار مما يؤدي الى انخفاض الدخل وبالتالي ترسيخ جذور ا...

نظرية الانتاج

نظرية الانتاج ـ الانتاج يتمثل في الجهد الانساني الذي يبذل لجعل الموارد الاقتصادية صالحة لاشباع الحاجات الانسانية، وهو جهد يتضمن علاقة مزدوجة. علاقة بين الانسان والطبيعة، وعلاقة بين الانسان والانسان. ـ تتطلب عملية الانتاج توافر العناصر الآتية: القوة العاملة وأدوات العمل وموضوع العمل. ـ تضم نظرية الانتاج موضوعات عديدة أهمها: عناصر الانتاج وكيفية التأليف بين هذه العناصر وأشكال المشروعات القائمة الانتاج، واتجاهات هذه المشروعات. ـ عناصر الانتاج وتسمى أيضا عناصر المشروع هي الموارد التي يستخدمها المجتمع في انتاج ما يحتاجه من سلع وخدمات، عناصر الانتاج أربعة: الطبيعة والعمل ورأس المال والتنظيم. ـ الموارد الطبيعية كعنصر من عناصر الانتاج هي كافة هبات الطبيعة التي لم يوجدها عمل انساني سابق ولا حاضر والتي تمكن الانسان من انتاج السلع والخدمات التي يحتاجها لاشباع حاجاته. ـ الطبيعة عنصر سلبي في الانتاج. ـ هناك عدة عوامل اساسية تحكم مدى كفاية الموارد الطبيعية لحاجة الانسان اليها للقيام بنشاطه الانتاجي وهي على سبيل الحصر: 1-          ...